responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 181

و يقول:يا سبحان اللّه،الموت عرض،و الكبش جسم،فكيف ينقلب العرض جسما و هل هذا إلا محال!و لكن اللّه تعالى عزل هؤلاء الحمقى عن معرفة أسراره فقال وَ مٰا يَعْقِلُهٰا إِلاَّ الْعٰالِمُونَ [1]و لا يدرى المسكين أن من قال:رأيت في منامي أنه جيء بكبش،و قيل هذا هو الوباء الذي في البلد ،و ذبح ،فقال المعبر:صدقت،و الأمر كما رأيت،و هذا يدل على أن هذا الوباء ينقطع و لا يعود قط،لأن المذبوح وقع اليأس منه،فإذن المعبر صادق في تصديقه،و هو صادق في رؤيته.و ترجع حقيقة ذلك إلى أن الموكل بالرؤيا،و هو الذي يطلع الأرواح عند النوم على ما في اللوح المحفوظ،عرفه بما في اللوح المحفوظ بمثال ضربه له لأن النائم إنما يحتمل المثال،فكان مثاله صادقا،و كان معناه صحيحا فالرسل أيضا إنما يكلمون الناس في الدنيا،و هي بالإضافة إلى الآخرة نوم،فيوصلون المعاني إلى أفهامهم بالأمثلة،حكمة من اللّه،و لطفا بعباده،و تيسيرا لإدراك ما يعجزون عن إدراكه دون ضرب المثل.فقوله يؤتى بالموت في صورة كبش أملح،مثال ضربه ليوصل إلى الأفهام حصول اليأس من الموت،و قد جبلت القلوب على التأثر بالأمثلة،و ثبوت المعاني فيها بواسطتها.و لذلك عبر القرءان بقوله كُنْ فَيَكُونُ [2]عن نهاية القدرة،و عبر صلّى اللّه عليه و سلم،بقوله«قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرّحمن»عن سرعة التقليب و قد أشرنا إلى حكمة ذلك في كتاب قواعد العقائد من ربع العبادات،فلنرجع الآن إلى الغرض فالمقصود أن تعريف توزع الدرجات و الدركات على الحسنات و السيئات،لا يمكن إلا بضرب المثال،فلتفهم من المثل الذي نضربه معناه لا صورته،فنقول:

الناس في الآخرة ينقسمون أصنافا و تتفاوت درجاتهم و دركاتهم في السعادة و الشقاوة تفاوتا لا يدخل تحت الحصر،كما تفاوتوا في سعادة الدنيا و شقاوتها.و لا تفارق الآخرة في هذا المعنى أصلا البتة،فإن مدبر الملك و الملكوت واحد لا شريك له،و سنته الصادرة عن إرادته الأزلية مطردة لا تبديل لها،إلا أنا إن عجزنا عن إحصاء آحاد الدرجات،فلا نعجز عن إحصاء الأجناس فنقول:

الناس ينقسمون في الآخرة بالضرورة إلى أربعة أقسام:

هالكين،و معذبين:و ناجين


[1] العنكبوت:43

[2] يس:82

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست