responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 163

و كما أن الثوب الوسخ لا يقبله الملك لأن يكون لباسه.فالقلب المظلم لا يقبله اللّه تعالى لأن يكون في جواره.و كما أن استعمال الثوب في الأعمال الخسيسة يوسخ الثوب،و غسله بالصابون و الماء الجار ينظفه لا محالة،فاستعمال القلب في الشهوات يوسخ القلب،و غسله بماء الدموع و حرقة الندم ينظفه،و يطهره،و يزكيه.و كل قلب زكي طاهر فهو مقبول،كما أن كل ثوب نظيف فهو مقبول.فإنما عليك التزكية و التطهير.و أما القبول فمبذول قد سبق به القضاء الأزلي الذي لا مرد له.و هو المسمى فلاحا في قوله قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّٰاهٰا [1]و من لم يعرف على سبيل التحقيق معرفة أقوى و أجلى من المشاهدة بالبصر،أن القلب يتأثر بالمعاصي و الطاعات تأثرا متضادا،يستعار لأحدهما لفظ الظلمة،كما يستعار للجهل، و يستعار للآخر لفظ النور،كما يستعار للعلم،و أن بين النور و الظلمة تضادا ضروريا، لا يتصور الجمع بينهما.فكأنه لم يبق من الدين إلا قشوره،و لم يعلق به إلا أسماؤه،و قلبه في غطاء كثيف عن حقيقة الدين،بل عن حقيقة نفسه،و صفات نفسه.و من جهل نفسه فهو بغيره أجهل.و أعنى به قلبه.إذ بقلبه يعرف غير قلبه.فكيف يعرف غيره و هو لا يعرف قلبه! فمن يتوهم أن التوبة تصح و لا تقبل،كمن يتوهم أن الشمس تطلع و الظلام لا يزول، و الثوب يغسل بالصابون و الوسخ لا يزول.إلا أن يغوص الوسخ لطول تراكمه في تجاويف الثوب و خلله ،فلا يقوى الصابون على قلعه.فمثال ذلك أن تتراكم الذنوب حتى تصير طبعا و رينا على القلب.فمثل هذا القلب لا يرجع و لا يتوب.نعم:قد يقول باللسان تبت،فيكون ذلك كقول القصار بلسانه قد غسلت الثوب،و ذلك لا ينظف الثوب أصلا،ما لم يغير صفة الثوب باستعمال ما يضاد الوصف المتمكن به.فهذا حال امتناع أصل التوبة،و هو غير بعيد،بل هو الغالب على كافة الخلق المقبلين على الدنيا،المعرضين عن اللّه بالكلية.فهذا البيان كاف عند ذوي البصائر في قبول التوبة.و لكنا نعضد جناحه بنقل الآيات،و الأخبار،و الآثار.فكل استبصار لا يشهد له الكتاب و السنة لا يوثق به.

و قد قال تعالى وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئٰاتِ [2]و قال تعالى غٰافِرِ الذَّنْبِ وَ قٰابِلِ التَّوْبِ [3]إلى غير ذلك من الآيات


[1] الشمس:9

[2] الشورى:25

[3] غافر:3

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست