responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 161

لكن الجهل مصيبة لا يعرف المصاب بها أنه صاحب مصيبة.فإن نوم الغفلة يحول بينه و بين معرفته،و الناس نيام،فإذا ماتوا انتبهوا.فعند ذلك ينكشف لكل مفلس إفلاسه، و لكل مصاب مصيبته.و قد رفع الناس عن التدارك قال بعض العارفين:إن ملك الموت عليه السّلام إذا ظهر للعبد،أعلمه أنه قد بقي من عمرك ساعة،و إنك لا نستأخر عنها طرفة عين.فيبدو للعبد من الأسف و الحسرة ما لو كانت له الدنيا بحذافيرها لخرج منها،على أن يضم إلى تلك الساعة ساعة أخرى،ليستعتب فيها و يتدارك تفريطه،فلا يجد إليه سبيلا.و هو أول ما يظهر من معانى قوله تعالى وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مٰا يَشْتَهُونَ [1]و إليه الإشارة بقوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لاٰ أَخَّرْتَنِي إِلىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصّٰالِحِينَ وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللّٰهُ نَفْساً إِذٰا جٰاءَ أَجَلُهٰا [2]فقيل الأجل القريب الذي يطلبه.معناه أنه يقول عند كشف الغطاء للعبد:يا ملك الموت،أخرنى يوما أعتذر فيه إلى ربي و أتوب،و أتزود صالحا لنفسي فيقول :فنيت الأيام فلا يوم.فيقول :فأخرنى ساعة.فيقول:فنيت الساعات فلا ساعة فيغلق عليه باب التوبة،فيتغرغر بروحه،و تتردد أنفاسه في شر أسفه،و يتجرع غصة اليأس عن التدارك،و حسرة الندامة على تضييع العمر،فيضطرب أصل إيمانه في صدمات تلك الأحوال.فإذا زهقت نفسه،فإن كان سبقت له من اللّه الحسني،خرجت روحه على التوحيد،فذلك حسن الخاتمة.و إن سبق له القضاء بالشقوة و العياذ باللّه،خرجت روحه على الشك و الاضطراب،و ذلك سوء الخاتمة.و لمثل هذا يقال وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئٰاتِ حَتّٰى إِذٰا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قٰالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [3]و قوله إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّٰهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهٰالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [4]و معناه عن قرب عهد بالخطيئة بأن يتندم عليها،و يمحو أثرها بحسنة يردفها بها قبل أن يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو و لذلك قال صلّى اللّه عليه و سلم«أتبع السَّيّئة الحسنة تمحها»و لذلك قال لقمان لابنه:

يا بني لا تؤخر التوبة،فإن الموت يأتي بغتة.و من ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف،كان بين خطرين عظيمين.أحدهما:أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي،حتى يصير رينا و طبعا.


[1] سبا:54

[2] المنافقون:10،11

[3] النساء:18

[4] النساء:17

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست