responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 160

أ فترى أن نبينا محمدا صلّى اللّه عليه و سلم[1]،لما شغله الثوب الذي كان عليه علم في صلاته حتى نزعه ،[2]و شغله شراك نعله الذي جدده حتى أعاد الشراك الخلق ،لم يعلم أن ذلك ليس واجبا في شرعه الذي شرعه لكافة عباده؟فإذا علم ذلك فلم تاب عنه بتركه؟و هل كان ذلك إلا لأنه رآه مؤثرا في قلبه أثرا يمنعه عن بلوغ المقام المحمود الذي قد وعد به؟ أ فترى أن الصديق رضي اللّه عنه بعد أن شرب اللبن،و علم أنه على غير وجهه،أدخل إصبعه في حلقه ليخرجه،حتى كاد يخرج معه روحه،ما علم من الفقه هذا القدر،و هو أن ما أكله عن جهل فهو غير آثم به،و لا يجب في فتوى الفقه إخراجه فلم تاب عن شربه بالتدارك على حسب إمكانه بتخلية المعدة عنه؟و هل كان ذلك إلا لسر وقر في صدره،عرفه ذلك السر أن فتوى العامة حديث آخر،و أن خطر طريق الآخرة لا يعرفه إلا الصديقون؟ فتأمل أحوال هؤلاء الذين هم أعرف خلق اللّه باللّه،و بطريق اللّه،و بمكر اللّه،و بمكامن الغرور باللّه.و إياك مرة واحدة أن تغرك الحياة الدنيا،و إياك ثم إياك ألف ألف مرة أن يغرك باللّه الغرور.فهذه أسرار من استنشق مبادى روائحها علم أن لزوم التوبة النصوح ملازم للعبد السالك في طريق اللّه تعالى،في كل نفس من أنفاسه ،و لو عمر عمر نوح ،و أن ذلك واجب على الفور من غير مهلة.و لقد صدق أبو سليمان الداراني حيث قال:لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على تفويت ما مضى منه في غير الطاعة،لكان خليقا أن يحزنه ذلك إلى الممات.فكيف من يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضى من جهله!و إنما قال هذا لأن العاقل إذا ملك جوهرة نفيسة،و ضاعت منه بغير فائدة،بكى عليها لا محالة.و إن ضاعت منه و صار ضياعها سبب هلاكه،كان بكاؤه منها أشد.و كل ساعة من العمر،بل كل نفس جوهرة نفيسة،لا خلف لها،و لا بدل منها،فإنها صالحة لأن توصلك إلى سعادة الأبد،و تنقذك من شقاوة الأبد.و أي جوهر أنفس من هذا؟فإذا ضيعتها في الغفلة، فقد خسرت خسرانا مبينا.و إن صرفتها إلى معصية،فقد هلكت هلاكا فاحشا.فإن كنت لا تبكي على هذه المصيبة،فذلك لجهلك.و مصيبتك بجهلك أعظم من كل مصيبة،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست