responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 159

فأما التصقيل الأول ففيه يطول الصقل،إذ ليس شغل الصقل في إزالة الصدإ عن المرآة كشغله في عمل أصل المرآة.فهذه أشغال طويلة لا تنقطع أصلا.و كل ذلك يرجع إلى التوبة فأما قولك:إن هذا لا يسمى واجبا،بل هو فضل و طلب كمال،فاعلم أن الواجب له معنيان.أحدهما:ما يدخل في فتوى الشرع،و يشترك فيه كافة الخلق،و هو القدر الذي لو اشتغل به كافة الخلق لم يخرب العالم،فلو كلف الناس كلهم أن يتقوا اللّه حق تقاته لتركوا المعايش ،و رفضوا الدنيا بالكلية.ثم يؤدى ذلك إلى بطلان التقوى بالكلية،فإنه مهما فسدت المعايش لم يتفرغ أحد للتقوى بل شغل الحياكة،و الحراثة،و الخبز،يستغرق جميع العمر من كل واحد فيما يحتاج إليه،فجميع هذه الدرجات ليست بواجبة بهذا الاعتبار و الواجب الثاني:هو الذي لا بد منه للوصول به إلى القرب المطلوب من رب العالمين، و المقام المحمود بين الصديقين.و التوبة عن جميع ما ذكرناه واجبة في الوصول إليه.كما يقال الطهارة واجبة في صلاة التطوّع،أي لمن يريدها.فإنه لا يتوصل إليها إلا بها.فأما من رضى بالنقصان و الحرمان عن فضل صلاة التطوع،فالطهارة ليست واجبة عليه لأجلها.كما يقال العين،و الأذن،و اليد،و الرجل،شرط في وجود الإنسان.يعنى أنه شرط لمن يريد أن يكون إنسانا كاملا ينتفع بإنسانيته،و يتوصل بها إلى درجات العلا في الدنيا.فأما من قنع بأصل الحياة،و رضى أن يكون كلحم على و ضم ،و كخرقة مطروحة ،فليس يشترط لمثل هذه الحياة عين،،و يد،و رجل.فأصل الواجبات الداخلة في فتوى العامة لا يوصل إلا إلى أصل النجاة.و أصل النجاة كأصل الحياة،و ما وراء أصل النجاة من السعادات التي بها تنتهي الحياة،يجرى مجرى الأعضاء و الآلات التي بها تتهيأ الحياة،و فيه سعى الأنبياء،و الأولياء و العلماء و الأمثل فالأمثل،و عليه كان حرصهم،و حواليه كان تطوافهم،و لأجله كان رفضهم لملاذ الدنيا بالكلية،حتى انتهى عيسى عليه السّلام إلى أن توسد حجرا في منامه،فجاء إليه الشيطان و قال:أما كنت تركت الدنيا للآخرة؟فقال نعم و ما الذي حدث؟فقال توسدك لهذا الحجر تنعم في الدنيا،فلم لا تضع رأسك على الأرض؟فرمى عيسى عليه السّلام بالحجر،و وضع رأسه على الأرض.و كان رميه للحجر توبة عن ذلك التنعم.أ فترى أن عيسى عليه السّلام لم يعلم أن وضع الرأس على الأرض لا يسمى واجبا في فتاوى العامة؟

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست