responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 156

فإن هي لم تعمل عملها الذي تراد له،قامت مؤيدة للحجة على صاحبها،و لذلك يزاد في عذاب العالم الفاجر على عذاب الجاهل الفاجر،كما أوردنا من الأخبار في كتاب العلم

بيان
أن وجوب التوبة عام في الأشخاص و الأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة

اعلم أن ظاهر الكتاب قد دل على هذا ،إذ قال تعالى وَ تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [1]فعمم الخطاب .و نور البصيرة أيضا يرشد إليه،إذ معنى التوبة الرجوع عن الطريق المبعد عن اللّه،المقرب إلى الشيطان.و لا يتصور ذلك إلا من عاقل،و لا تكمل غريزة العقل إلا بعد كمال غريزة الشهوة،و الغضب،و سائر الصفات المذمومة التي هي وسائل الشيطان إلى إغواء الإنسان،إذ كمال العقل إنما يكون عند مقارنة الأربعين .و أصله إنما يتم عند مراهقة البلوغ ،و مباديه تظهر بعد سبع سنين،و الشهوات جنود الشيطان،و العقول جنود الملائكة،فإذا اجتمعا قام القتال بينهما بالضرورة، إذ لا يثبت أحدهما للآخر لأنهما ضدان،فالتطارد بينهما كالتطارد بين الليل و النهار،و النور و الظلمة.و مهما غلب أحدهما أزعج الآخر بالضرورة.و إذا كانت الشهوات تكمل في الصبا و الشباب قبل كمال العقل،فقد سبق جند الشيطان،و استولى على المكان،و وقع للقلب به أنس،و ألف لا محالة مقتضيات الشهوات بالعادة.و غلب ذلك عليه،و يعسر عليه النزوع عنه.ثم يلوح العقل الذي هو حزب اللّه و جنده،و منقذ أوليائه من أيدي أعدائه شيئا فشيئا على التدريج،فإن لم يقو و لم يكمل،سلمت مملكة القلب للشيطان،و أنجز اللعين موعده حيث قال لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّٰ قَلِيلاً [2]و إن كمل العقل و قوى،كان أوّل شغله قمع جنود الشيطان بكسر الشهوات،و مفارقة العادات،و رد الطبع على سبيل القهر إلى العبادات و لا معنى للتوبة إلا هذا،و هو الرجوع عن طريق،دليله الشهوة،و خفيره الشيطان،إلى طريق اللّه تعالى .و ليس في الوجود آدمى إلا و شهوته سابقة على عقله،و غريزته التي هي عدة الشيطان متقدمة على غريزته التي هي عدة الملائكة،فكان الرجوع عما سبق


[1] النور:31

[2] الاسراء:62

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست