responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 155

فإذا كان الخائف من الهلاك في هذه الدنيا المنقضية يجب عليه ترك السموم،و ما يضره من المأكولات في كل حال و على الفور،فالخائف من هلاك الأبد أولى بأن يجب عليه ذلك.و إذا كان متناول السم إذا ندم يجب عليه أن يتقيأ،و يرجع عن تناوله بإبطاله و إخراجه عن المعدة،على سبيل الفور و المبادرة،تلافيا لبدنه المشرف على هلاك لا يفوت عليه إلا هذه الدنيا الفانية،فمتناول سموم الدين و هي الذنوب أولى بأن يجب عليه الرجوع عنها بالتدارك الممكن،ما دام يبقى للتدارك مهلة و هو العمر،فإن المخوف من هذا السم فوات الآخرة الباقية،التي فيها النعيم المقيم،و الملك العظيم،و في فواتها نار الجحيم،و العذاب المقيم الذي تتصرم أضعاف أعمار الدنيا دون عشر عشير مدته،إذ ليس لمدته آخر البتة.فالبدار البدار إلى التوبة،قبل أن تعمل سموم الذنوب بروح الإيمان عملا يجاوز الأمر فيه الأطباء و اختيارهم،و لا ينفع بعده الاحتماء،فلا ينجع بعد ذلك نصح الناصحين،و وعظ الواعظين، و تحق الكلمة عليه بأنه من الهالكين ،و يدخل تحت عموم قوله تعالى إِنّٰا جَعَلْنٰا فِي أَعْنٰاقِهِمْ أَغْلاٰلاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقٰانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَ جَعَلْنٰا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنٰاهُمْ فَهُمْ لاٰ يُبْصِرُونَ وَ سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاٰ يُؤْمِنُونَ [1]و لا يغرنك لفظ الإيمان فتقول.المراد بالآية الكافر،إذ بين لك أن الإيمان بضع و سبعون بابا،و أن الزاني لا يزني حين يزني و هو مؤمن.فالمحجوب عن الإيمان الذي هو شعب و فروع سيحجب في الخاتمة عن الإيمان الذي هو أصل.كما أن الشخص الفاقد لجميع الأطراف التي هي حروف و فروع،سيساق إلى الموت المعدم للروح التي هي أصل،فلا بقاء للأصل دون الفرع،و لا وجود للفرع دون الأصل،و لا فرق بين الأصل و الفرع إلا في شيء واحد،و هو أن وجود الفرع و بقاءه جميعا يستدعى وجود الأصل ،و أما وجود الأصل فلا يستدعى وجود الفرع فبقاء الأصل بالفرع،و وجود الفرع بالأصل،فعلوم المكاشفة و علوم المعاملة متلازمة كتلازم الفرع و الأصل،فلا يستغنى أحدهما عن الآخر.و إن كان أحدهما في رتبة الأصل و الآخر في رتبة التابع.و علوم المعاملة إذا لم تكن باعثة على العمل فعدمها خير من وجودها


[1] يس:8،9،10

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست