responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 154

ليس الإنسان موجودا واحدا،بل هو نيف و سبعون موجودا،أعلاها القلب و الروح و أدناها إماطة الأذى عن البشرة ،بأن يكون مقصوص الشارب،مقلوم الأظفار،نقى البشرة عن الخبث ،حتى يتميز عن البهائم المرسلة الملوثة بأرواثها،المستكرهة الصور بطول مخالبها و أظلافها و هذا مثال مطابق:فالإيمان كالإنسان،و فقد شهادة التوحيد يوجب البطلان بالكلية كفقد الروح،و الذي ليس له إلا شهادة التوحيد و الرسالة هو كإنسان مقطوع الأطراف مفقوء العينين،فاقد لجميع أعضائه الباطنة و الظاهرة،لا أصل الروح.و كما أن من هذا حاله قريب من أن يموت،فتزايله الروح الضعيفة،المنفردة،التي تخلف عنها الأعضاء التي تمدها و تقويها،فكذلك من ليس له إلا أصل الإيمان،و هو مقصر في الأعمال،قريب من أن تقتلع شجرة إيمانه إذا صدمتها الرياح العاصفة،المحركة للإيمان في مقدمة قدوم ملك الموت و وروده.فكل إيمان لم يثبت في اليقين أصله،و لم تنتشر في الأعمال فروعه،لم يثبت على عواصف الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت،و خيف عليه سوء الخاتمة،لا ما يسقى بالطاعات على توالى الأيام و الساعات،حتى ثبت و رسخ .و قول العاصي للمطيع إنى مؤمن كما أنك مؤمن،كقول شجرة القرع لشجرة الصنوبر أنا شجرة و أنت شجرة.و ما أحسن جواب شجرة الصنوبر إذ قالت:ستعرفين اغترارك بشمول الاسم إذا عصفت رياح الخريف، فعند ذلك تنقطع أصولك،و تتناثر أوراقك،و ينكشف غرورك بالمشاركة في اسم الشجرة، مع الغفلة عن أسباب ثبوت الأشجار
و سوف ترى إذا انجلى الغبار أ فرس تحتك أم حمار
و هذا أمر يظهر عند الخاتمة.و إنما انقطع نياط العارفين خوفا من دواعي الموت و مقدماته الهائلة،التي لا يثبت عليها إلا الأقلون.فالعاصى إذا كان لا يخاف الخلود في النار بسبب معصيته،كالصحيح المنهمك في الشهوات المضرة إذا كان لا يخاف الموت بسبب صحته.و إن الموت غالبا لا يقع فجأة،فيقال له.الصحيح يخاف المرض،ثم إذا مرض خاف الموت.

و كذلك العاصي يخاف سوء الخاتمة،ثم إذا ختم له بالسوء و العياذ باللّه وجب الخلود في النار فالمعاصي للإيمان كالمأكولات المضرة للأبدان،فلا تزال تجتمع في الباطن حتى تغير مزاج الأخلاط و هو لا يشعر به‌ ،إلى أن يفسد المزاج،فيمرض دفعة،ثم يموت دفعة.فكذلك المعاصي

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست