responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 152

وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ [1] ما قتلت إذ قتلت،و لكن قٰاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّٰهُ بِأَيْدِيكُمْ [2]و عند هذا تتحير عقول القاعدين في بحبوحة عالم الشهادة ،فمن قائل إنه جبر محض،و من قائل إنه اختراع صرف،و من متوسط مائل إلى أنه كسب.و لو فتح لهم أبواب السماء فنظروا إلى عالم الغيب و الملكوت،لظهر لهم أن كل واحد صادق من وجه،و أن القصور شامل لجميعهم،فلم يدرك واحد منهم كنه هذا الأمر،و لم يحط علمه بجوانبه.و تمام علمه ينال بإشراق النور من كوة نافذة إلى عالم الغيب و أنه تعالى عالم الغيب و الشهادة لا يظهر على غيبه أحدا،إلا من ارتضى من رسول.و قد يطلع على الشهادة من لم يدخل في حيز الارتضاء.و من حرك سلسلة الأسباب و المسببات و علم كيفية تسلسلها،و وجه ارتباط مناط سلسلتها بمسبب الأسباب،انكشف له سر القدر و علم علما يقينا أن لا خالق إلا اللّه،و لا مبدع سواه فإن قلت:قد قضيت على كل واحد من القائلين بالجبر،و الاختراع،و الكسب،أنه صادق من وجه،و هو مع صدقه قاصر ،و هذا تناقض ،فكيف يمكن فهم ذلك؟و هل يمكن إيصال ذلك إلى الأفهام بمثال؟ فاعلم أن جماعة من العميان قد سمعوا أنه حمل إلى البلدة حيوان عجيب يسمى الفيل، و ما كانوا قط شاهدوا صورته،و لا سمعوا اسمه.فقالوا لا بد لنا من مشاهدته و معرفته باللمس الذي نقدر عليه.فطلبوه،فلما وصلوا إليه لمسوه.فوقع يد بعض العميان على رجليه و وقع يد بعضهم على نابه،و وقع يد بعضهم على أذنه.فقالوا قد عرفناه.فلما انصرفوا سألهم بقية العميان،فاختلف أجوبتهم.فقال الذي لمس الرجل:إن الفيل ما هو إلا مثل أسطوانة خشنة الظاهر،إلا أنه ألين منها.و قال الذي لمس الناب:ليس كما يقول،بل هو صلب لا لين فيه،و أملس لا خشونة فيه،و ليس في غلظ الأسطوانة أصلا،بل هو مثل عمود:و قال الذي لمس الأذن:لعمري هو لين و فيه خشونة.فصدق أحدهما فيه.و لكن قال.ما هو مثل عمود،و لا هو مثل أسطوانة،و إنما هو مثل جلد عريض غليظ.فكل واحد من هؤلاء صدق من وجه،إذ أخبر كل واحد عما أصابه من معرفة الفيل،


[1] الانفال:17

[2] التوبة:14

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست