responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 151

ما لم يخلق فيها صفة تسمى قدرة،و ما لم يخلق فيها حياة،و ما لم يخلق إرادة مجزومة.

و لا يخلق الإرادة المجزومة ما لم يخلق شهوة و ميلا في النفس و لا ينبعث هذا الميل انبعاثا تاما ما لم يخلق علما بأنه موافق للنفس،إما في الحال أو في المآل.و لا يخلق العلم أيضا إلا بأسباب أخر ترجع إلى حركة و إرادة و علم.فالعلم و الميل الطبيعي أبدا يستتبع الإرادة الجازمة،و القدرة و الإرادة أبدا تستردف الحركة،و هكذا الترتيب في كل فعل.و الكل من اختراع اللّه تعالى.و لكن بعض مخلوقاته شرط لبعض.فلذلك يجب تقدم البعض و تأخر البعض،كما لا تخلق الإرادة إلا بعد العلم،و لا يخلق العلم إلا بعد الحياة،و لا تخلق الحياة إلا بعد الجسم، فيكون خلق الجسم شرطا لحدوث الحياة،لا أن الحياة تتولد من الجسم.و يكون خلق الحياة شرطا لخلق العلم،لا أن العلم يتولد من الحياة.و لكن لا يستعدّ المحل لقبول العلم إلا إذا كان حيا،و يكون خلق العلم شرطا لجزم الإرادة،لا أن العلم يولد الإرادة.و لكن لا يقبل الإرادة إلا جسم حي عالم.و لا يدخل في الوجود إلا ممكن،و للإمكان ترتيب لا يقبل التغيير،لأن تغييره محال.فمهما وجد شرط الوصف استعد المحل به لقبول الوصف، فحصل ذلك الوصف من الجود الإلهي و القدرة الأزلية عند حصول الاستعداد .و لما كان للاستعداد بسبب الشروط ترتيب،كان لحصول الحوادث بفعل اللّه تعالى ترتيب.و العبد مجرى هذه الحوادث المرتبة ،و هي مرتبة في قضاء اللّه تعالى الذي هو واحد كلمح البصر ترتيبا كليا لا يتغير.و ظهورها بالتفصيل مقدر بقدر لا يتعداها.و عنه العبارة بقوله تعالى إِنّٰا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنٰاهُ بِقَدَرٍ [1]و عن القضاء الكلى الأزلي العبارة بقوله تعالى وَ مٰا أَمْرُنٰا إِلاّٰ وٰاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [2]و أما العباد فإنهم مسخرون تحت مجاري القضاء و القدر.

و من جملة القدر خلق حركة في يد الكاتب،بعد خلق صفة مخصوصة في يده تسمى القدرة و بعد خلق ميل قوى جازم في نفسه يسمى القصد،و بعد علم بما إليه ميله يسمى الإدراك و المعرفة فإذا ظهرت من باطن الملكوت هذه الأمور الأربعة على جسم عبد مسخر تحت التقدير،سبق أهل عالم الملك و الشهادة المحجوبون عن عالم الغيب و الملكوت و قالوا يا أيها الرجل،قد تحركت،و رميت،و كتبت.و نودي من وراء حجاب الغيب و سرادقات الملكوت


[1] القمر:49

[2] لقمر:50

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست