responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 127

حتى وصل إلى الحجاب الأقرب الذي لا وصول إلا بعده،فقال هذا أكبر.فلما ظهر له أنه مع عظمه غير خال عن الهوى في حضيض النقص،و الانحطاط عن ذروة الكمال قال لا أحب الآفلين،إنى وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض و سالك هذه الطريق قد يغتر في الوقوف على بعض هذه الحجب ،و قد يغتر بالحجاب الأول.و أول الحجب بين اللّه و بين العبد هو نفسه.فإنه أيضا أمر ربانى ،و هو نور من أنوار اللّه تعالى،أعنى سر القلب الذي تتجلى فيه حقيقة الحق كله،حتى أنه ليتسع لجملة العالم و يحيط به،و تنجلي فيه صورة الكل.و عند ذلك يشرق نوره إشراقا عظيما،إذ يظهر فيه الوجود كله على ما هو عليه،و هو في أول الأمر محجوب بمشكاة هي كالساتر له،فإذا تجلى نوره،و انكشف جمال القلب بعد إشراق نور اللّه عليه،و ربما التفت صاحب القلب إلى القلب،فيرى من جماله الفائق ما يدهشه،و ربما يسبق لسانه في هذه الدهشة فيقول:أنا الحق.فإن لم يتضح له ما وراء ذلك اغتر به،و وقف عليه و هلك،و كان قد اغتر بكوكب صغير من أنوار الحضرة الإلهية،و لم يصل بعد إلى القمر فضلا عن الشمس.فهو مغرور.

و هذا محل الالتباس .إذ المتجلى يلتبس بالمتجلى فيه،كما يلتبس لون ما يتراءى في المرآة بالمرآة فيظن أنه لون المرآة ،و كما يلتبس ما في الزجاج بالزجاج،كما قيل
رق الزجاج و رقت الخمر فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر و لا قدح و كأنما قدح و لا خمر
و بهذه العين نظر النصارى إلى المسيح،فرأوا إشراق نور اللّه قد تلألأ فيه،فغلطوا فيه،كمن يرى كوكبا في مرآة أو في ماء،فيظن أن الكوكب في المرآة أو في الماء،فيمد يده إليه ليأخذه و هو مغرور و أنواع الغرور في طريق السلوك إلى اللّه تعالى لا تحصى في مجلدات،و لا تستقصى إلا بعد شرح جميع علوم المكاشفة،و ذلك مما لا رخصة في ذكره.و لعل القدر الذي ذكرناه أيضا كان الأولى تركه ،إذ السالك لهذا الطريق لا يحتاج إلى أن يسمعه من غيره،و الذي لم يسلكه لا ينتفع بسماعه،بل ربما يستضربه،إذ يورثه ذلك دهشة من حيث يسمع ما لا يفهم.و لكن فيه فائدة و هو إخراجه من الغرور الذي هو فيه.بل ربما يصدق بأن الأمر أعظم مما يظنه و مما يتخيله

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست