responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 126

عن عيوب و تحرير علم علاجها،كان كمن اشتغل بالتفتيش عن عوائق الحج و آفاته و لم يسلك طريق الحج،فذلك لا يغنيه.

و فرقة أخرى جاوزوا هذه الرتبة.

و ابتدءوا سلوك الطريق،و انفتح لهم أبواب المعرفة،فكلما تشمموا من مبادى المعرفة رائحة تعجبوا منها ، و فرحوا بها ،و أعجبتهم غرابتها،فتقيدت قلوبهم بالالتفات إليها،و التفكر فيها و في كيفية انفتاح بابها عليهم،و انسداده على غيرهم،و كل ذلك غرور،لأن عجائب طريق اللّه ليس لها نهاية.فلو وقف مع كل أعجوبة و تقيد بها،قصرت خطاه،و حرم الوصول إلى المقصد و كان مثاله مثال من قصد ملكا،فرأى على باب ميدانه روضة فيها أزهار و أنوار،لم يكن قد رأى قبل ذلك مثلها،فوقف ينظر إليها و يتعجب حتى فاته الوقت الذي يمكن فيه لقاء الملك

و فرقة أخرى جاوزوا هؤلاء

،و لم يلتفتوا إلى ما يفيض عليهم من الأنوار في الطريق، و لا إلى ما تيسر لهم من العطايا الجزيلة،و لم يعرجوا على الفرح بها،و الالتفات إليها،جادين في السير حتى قاربوا،فوصلوا إلى حد القربة إلى اللّه تعالى،فظنوا أنهم قد وصلوا إلى اللّه، فوقفوا و غلطوا،فإن للّٰه تعالى سبعين حجابا من نور،لا يصل السالك إلى حجاب من تلك الحجب في الطريق إلا و يظن أنه قد وصل.و إليه الإشارة بقول إبراهيم عليه السّلام،إذ قال اللّه تعالى إخبارا عنه فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل ُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي [1]و ليس المعنى به هذه الأجسام المضيئة،فإنه كان يراها في الصغر،و يعلم أنها ليست آلهة،و هي كثيرة و ليست واحدا.و الجهال يعلمون أن الكوكب ليس بإله.فمثل إبراهيم عليه السّلام لا يغره الكوكب الذي لا يغر السوادية.و لكن المراد به أنه نور من الأنوار التي هي من حجب اللّه عز و جل،و هي على طريق السالكين.و لا يتصور الوصول إلى اللّه تعالى إلا بالوصول إلى هذه الحجب،و هي حجب من نور بعضها أكبر من بعض ،و أصغر النيرات الكوكب،فاستعير له لفظه،و أعظمها الشمس،و بينهما رتبة القمر.فلم يزل إبراهيم عليه السلام لما رأى ملكوت السموات،حيث قال تعالى وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ [2]يصل إلى نور بعد نور،و يتخيل إليه في أوّل ما كان يلقاه أنه قد وصل،ثم كان يكشف له أن وراءه أمرا،فيترقى إليه و يقول قد وصلت،فيكشف له ما وراءه


[1] الأنعام:76

[2] الأنعام:75

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست