responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 124

الجاهلين،لم يحكم قط علما.و لم يهذب خلقا،و لم يرتب عملا،و لم يراقب قلبا سوى اتباع الهوى و تلقف الهذيان و حفظه

و فرقة أخرى وقعت في الإباحة

،و طووا بساط الشرع،و رفضوا الأحكام،و سووا بين الحلال و الحرام.فبعضهم يزعم أن اللّه مستغن عن عملي ،فلم أتعب نفسي ؟و بعضهم يقول قد كلف الناس تطهير القلوب عن الشهوات و عن حب الدنيا،و ذلك محال،فقد كلفوا ما لا يمكن،و إنما يغتر به من لم يجرب،و أما نحن فقد جربنا و أدركنا أن ذلك محال و لا يعلم الأحمق أن الناس لم يكلفوا قلع الشهوة و الغضب من أصلهما،بل إنما كلفوا قلع مادتهما،بحيث ينقاد كل واحد منهما لحكم العقل و الشرع.و بعضهم يقول:الأعمال بالجوارح لا وزن لها،و إنما النظر إلى القلوب،و قلوبنا والهة بحب اللّه،و واصلة إلى معرفة اللّه،و إنما نخوض في الدنيا بأبداننا،و قلوبنا عاكفة في الحضرة الربوبية،فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب.و يزعمون أنهم قد ترقوا عن رتبة العوام،و استغنوا عن تهذيب النفس بالأعمال البدنية،و أن الشهوات لا تصدهم عن طريق اللّه لقوتهم فيها،و يرفعون درجة أنفسهم على درجة الأنبياء عليهم السلام،إذ كانت تصدهم عن طريق اللّه خطيئة واحدة،حتى كانوا يبكون عليها و ينوحون سنين متوالية.و أصناف غرور أهل الاباحة من المتشبهين بالصوفية لا تحصى .و كل ذلك بناء على أغاليط و وساوس يخدعهم الشيطان بها لاشتغالهم بالمجاهدة قبل إحكام العلم،و من غير اقتداء بشيخ متقن في الدين و العلم،صالح للاقتداء به،و إحصاء أصنافهم يطول.

و فرقة أخرى جاوزت حد هؤلاء

،و اجتنبت الأعمال،و طلبت الحلال،و اشتغلت بتفقد القلب،و صار أحدهم يدعى المقامات من الزهد، و التوكل،و الرضا،و الحب من غير وقوف على حقيقة هذه المقامات،و شروطها و علاماتها، و آفاتها.فمنهم من يدعى الوجد و الحب للّٰه تعالى،و يزعم أنه واله باللّه،و لعله قد تخيل في اللّه خيالات هي بدعة أو كفر،فيدعى حب اللّه قبل معرفته،ثم إنه لا يخلو عن مقارفة ما يكره اللّه عز و جل،و عن إيثار هوى نفسه على أمر اللّه،و عن ترك بعض الأمور حياء من الخلق و لو خلا لما تركه حياء من اللّه تعالى،و ليس يدرى أن كل ذلك يناقض الحب و بعضهم ربما يميل إلى القناعة و التوكل،فيخوض البوادي من غير زاد،ليصحح دعوى

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست