responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 123

إلى الفيل.فهكذا يكون حال المدعين للتصوف في القيامة،إذا كشف عنهم الغطاء،و عرضوا على القاضي الأكبر،الذي لا ينظر إلى الزي و المرقع،بل إلى سر القلب و فرقة أخرى زادت على هؤلاء في الغرور،إذ شق عليها الاقتداء بهم في بذاذة الثياب، و الرضا بالدون،فأرادت أن تتظاهر بالتصوف،و لم تجد بدا من التزين بزيهم،فتركوا الحرير و الإبريسم،و طلبوا المرقعات النفيسة،و الفوط الرقيقة،و السجادات المصبغة،و لبسوا من الثياب ما هو أرفع قيمة من الحرير و الإبريسم،و ظن أحدهم مع ذلك أنه متصوف بمجرد لون الثوب و كونه مرقعا ،و نسى أنهم إنما لونوا الثياب لئلا يطول عليهم غسلها كل ساعة لإزالة الوسخ ،و إنما لبسوا المرقعات إذ كانت ثيابهم مخرقة فكانوا يرقعونها و لا يلبسون الجديد.فأما تقطيع الفوط الرقيقة قطعة قطعة،و خياطة المرقعات منها،فمن أين يشبه ما اعتادوه؟فهؤلاء أظهر حماقة من كافة المغرورين،فإنهم يتنعمون بنفيس الثياب و لذيذ الأطعمة و يطلبون رغد العيش،و يأكلون أموال السلاطين،و لا يجتنبون المعاصي الظاهرة فضلا عن الباطنة،و هم مع ذلك يظنون بأنفسهم الخير.و شر هؤلاء مما يتعدى إلى الخلق،إذ يهلك من يقتدى بهم،و من لا يقتدى بهم تفسد عقيدته في أهل التصوف كافة،و يظن أن جميعهم كانوا من جنسه،فيطول اللسان في الصادقين منهم،و كل ذلك من شؤم المتشبهين و شرهم

و فرقة أخرى ادعت علم المعرفة

،و مشاهدة الحق،و مجاوزة المقامات و الأحوال ، و الملازمة في عين الشهود ،و الوصول إلى القرب،و لا يعرف هذه الأمور إلا بالأسامى و الألفاظ،لأنه تلقف من ألفاظ الطامات كلمات فهو يرددها،و يظن أن ذلك أعلى من علم الأولين و الآخرين،فهو ينظر إلى الفقهاء،و المفسرين،و المحدثين،و أصناف العلماء بعين الإزراء فضلا عن العوام،حتى أن الفلاح ليترك فلاحته،و الحائك يترك حياكته و يلازمهم أياما معدودة،و يتلقف منهم تلك الكلمات المزيفة،فيرددها كأنه يتكلم عن الوحي،و يخبر عن سر الأسرار،و يستحقر بذلك جميع العباد و العلماء،فيقول في العباد إنهم أجراء متعبون و يقول في العلماء إنهم بالحديث عن اللّه محجوبون،و يدعى لنفسه أنه الواصل إلى الحق، و أنه من المقربين،و هو عند اللّه من الفجار المنافقين،و عند أرباب القلوب من الحمقى

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست