responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 110

فإنهم يصدون عن سبيل اللّه،و يجرون الخلق إلى الغرور باللّه بلفظ الرجاء،فيزيدهم كلامهم جراءة على المعاصي،و رغبة في الدنيا،لا سيما إذا كان الواعظ متزينا بالثياب،و الخيل، و المراكب،فإنه تشهد هيئته من فرقه إلى قدمه بشدة حرصه على الدنيا،فما يفسده هذا المغرور أكثر مما يصلحه،بل لا يصلح أصلا،و يضل خلقا كثيرا.و لا يخفى وجه كونه مغرورا

و فرقة أخرى منهم قنعوا بحفظ كلام الزهاد و أحاديثهم في ذم الدنيا

،فهم يحفظون الكلمات على وجهها،و يؤدونها من غير إحاطة بمعانيها.فبعضهم يفعل ذلك على المنابر، و بعضهم في المحاريب،و بعضهم في الأسواق مع الجلساء.و كل منهم يظن أنه إذا تميز بهذا القدر عن السوقة و الجندية،إذ حفظ كلام الزهاد و أهل الدين دونهم،فقد أفلح و نال الغرض و صار مغفورا له.و أمن عقاب اللّه،من غير أن يحفظ.ظاهره و باطنه عن الآثام،و لكنه يظن أن حفظه لكلام أهل الدين يكفيه.و غرور هؤلاء أظهر من غرور من قبلهم

و فرقة أخرى.استغرقوا أوقاتهم في علم الحديث

،أعنى في سماعه،و جمع الروايات الكثيرة منه،و طلب الأسانيد الغريبة العالية.فهمة أحدهم أن يدور في البلاد و يرى الشيوخ ليقول أنا أروى عن فلان،و لقد رأيت فلانا،و معي من الأسناد ما ليس مع غيري و غرورهم من وجوه منها أنهم كحملة الأسفار،فإنهم لا يصرفون العناية إلى فهم معانى السنة،فعلمهم قاصر و ليس معهم إلا النقل،و يظنون أن ذلك يكفيهم.و منها أنهم إذا لم يفهموا معانيها لا يعملون بها،و قد يفهمون بعضها أيضا و لا يعملون به و منها أنهم يتركون العلم الذي هو فرض عين،و هو معرفة علاج القلب ،و يشتغلون بتكثير الأسانيد،و طلب العالي منها،و لا حاجة بهم إلى شيء من ذلك و منها و هو الذي أكب عليه أهل الزمان،أنهم أيضا لا يقيمون بشرط السماع،فإن السماع بمجرده و إن لم تكن له فائدة،و لكنه مهم في نفسه للوصول إلى إثبات الحديث، إذ التفهم بعد الإثبات.و العمل بعد التفهم.فالأوّل السماع،ثم التفهم،ثم الحفظ،ثم العمل ثم النشر.و هؤلاء اقتصروا من الجملة على السماع،ثم تركوا حقيقة السماع،فترى الصبي يحضر في مجلس الشيخ،و الحديث يقرأ،و الشيخ ينام و الصبي يلعب،ثم يكتب اسم الصبي في السماع،فإذا كبر تصدى ليسمع منه.و البالغ الذي يحضر ربما يغفل و لا يسمع،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست