responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 109

بالتزويق،بل بموثق من اللّه غليظ.و المغترون يحسنون بأنفسهم الظنون،و إذا كشف الغطاء عنهم في الآخرة يفتضحون،بل يطرحون في النار فتندلق أقتابهم،فيدور بها أحدهم كما يدور الحمار بالرحى،كما ورد به الخبر،لأنهم يأمرون بالخير و لا يأتونه،و ينهون عن الشر و يأتونه و إنما وقع الغرور لهؤلاء من حيث إنهم يصادفون في قلوبهم شيئا ضعيفا من أصول هذه المعاني،و هو حب اللّه،و الخوف منه،و الرضا بفعله،ثم قدروا مع ذلك على وصف المنازل العالية في هذه المعاني،فظنوا أنهم ما قدروا على وصف ذلك،و ما رزقهم اللّه علمه، و ما نفع الناس بكلامهم فيها،إلاّ لاتصافهم بها .و ذهب عليهم أن القبول للكلام،و الكلام المعرفة،و جريان اللسان و المعرفة للعلم،و أن كل ذلك غير الاتصاف بالصفة.فلم يفارق آحاد المسلمين في الاتصاف بصفة الحب و الخوف،بل في القدرة على الوصف.بل ربما زاد أمنه،و قل خوفه،و ظهر إلى الخلق ميله،و ضعف في قلبه حب اللّه تعالى.و إنما مثاله مثال مريض يصف المرض ،و يصف دواءه بفصاحته و يصف الصحة و الشفاء،و غيره من المرضى لا يقدر على وصف الصحة و الشفاء،و أسبابه و درجاته و أصنافه،فهو لا يفارقهم في صفة المرض و الاتصاف به،و إنما يفارقهم في الوصف و العلم بالطب فظنه عند علمه بحقيقة الصحة أنه صحيح غاية الجهل.فكذلك العلم بالخوف،و الحب،و التوكل،و الزهد،و سائر هذه الصفات،غير الاتصاف بحقائقها.و من التبس عليه وصف الحقائق بالاتصاف بالحقائق فهو مغرور.فهذه حالة الوعاظ الذين لا عيب في كلامهم،بل منهاج و عظهم منهاج وعظ القرءان و الأخبار،و وعظ الحسن البصري و أمثاله رحمة اللّه عليهم

و فرقة أخرى منهم عدلوا عن المنهاج الواجب في الوعظ

،و هم وعاظ أهل هذا الزمان كافة،إلا من عصمه اللّه على الندور في بعض أطراف البلاد إن كان،و لسنا نعرفه ،فاشتغلوا بالطامات و الشطح.و تلفيق كلمات خارجة عن قانون الشرع و العقل،طلبا للإغراب و طائفة شغفوا بطيارات النكت،و تسجيع الألفاظ و تلفيقها،فأكثر هممهم بالإسجاع، و الاستشهاد بأشعار الوصال و الفراق،و غرضهم أن تكثر في مجالستهم الزعقات و التواجد و لو على أغراض فاسدة.فهؤلاء شياطين الإنس،ضلوا و أضلوا عن سواء السبيل.فإن الأولين و إن لم يصلحوا أنفسهم فقد أصلحوا غيرهم و صححوا كلامهم و وعظهم.و أما هؤلاء

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست