responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 108

إلى اللّه،و كيفية قطع المنازل في طريق اللّه.فالمسكين بهذه الظنون يرى أنه من الخائفين و هو آمن من اللّه تعالى،و يرى أنه من الراجين و هو من المغترين المضيعين،و يرى أنه من الراضين بقضاء اللّه و هو من الساخطين،و يرى أنه من المتوكلين على اللّه و هو من المتكلين على العز،و الجاه،و المال،و الأسباب،و يرى أنه من المخلصين و هو من المرائين .بل يصف الإخلاص فيترك الإخلاص في الوصف،و يصف الرياء و يذكره و هو يرائي بذكره، ليعتقد فيه أنه لو لا أنه مخلص لما اهتدى إلى دقائق الرياء؟و يصف الزهد في الدنيا لشدة حرصه على الدنيا و قوّة رغبته فيها.فهو يظهر الدعاء إلى اللّه و هو منه فار،و يخوف باللّه تعالى و هو منه آمن،و يذكّر باللّه تعالى و هو له ناس،و يقرب إلى اللّه و هو منه متباعد،و يحث على الإخلاص و هو غير مخلص،و يذم الصفات المذمومة و هو بها متصف،و يصرف الناس عن الخلق و هو على الخلق أشد حرصا،لو منع عن مجلسه الذي يدعو الناس فيه إلى اللّه لضاقت عليه الأرض بما رحبت،و يزعم أن غرضه إصلاح الخلق.و لو ظهر من أقرانه من أقبل الخلق عليه.و صلحوا على يديه،لمات غمار و حسدا.و لو أثنى أحد من المترددين إليه على بعض أقرانه لكان أبغض خلق اللّه إليه.فهؤلاء أعظم الناس غرة،و أبعدهم عن التنبه و الرجوع إلى السداد،لأن المرغب في الأخلاق المحمودة،و المنفر عن المذمومة،هو العلم بغوائلها و فوائدها،و هذا قد علم ذلك و لم ينفعه،و شغله حب دعوة الخلق عن العمل به،فبعد ذلك بما ذا يعالج،و كيف سبيل تخويفه؟و إنما المخوف ما يتلوه على عباد اللّه فيخافون و هو ليس بخائف نعم:إن ظن نفسه أنه موصوف بهذه الصفات المحمودة،يمكن أن يدل على طريق الامتحان و التجربة،و هو أن يدعى مثلا حب اللّه،فما الذي تركه من محاب نفسه لأجله؟و يدعى الخوف،فما الذي امتنع منه بالخوف؟و يدعى الزهد ،فما الذي تركه مع القدرة عليه لوجه اللّه تعالى؟و يدعى الأنس باللّه،فمنى طابت له الخلوة؟و متى استوحش من مشاهدة الخلق لا بل يرى قلبه يمتلئ بالحلاوة إذا أحدق به المريدون .و تراه يستوحش إذا خلا باللّه تعالى.

فهل رأيت محبا يستوحش من محبوبه،و يستروح منه إلى غيره؟ فالأكياس يمتحنون أنفسهم بهذه الصفات،و يطالبونها بالحقيقة،و لا يقنعون منها

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست