responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 103

من قبل،و لا يحرص على الثناء عليه كما أثنى،مع علمه بأنه مشغول بالاستفادة،و لعل التحيز منه إلى فئة أخرى كان أنفع له في دينه،لآفة من الآفات كانت تلحقه في هذه الفئة،و سلامته عنها في تلك الفئة،و مع ذلك لا تزول النفرة عن قلبه و لعل واحدا منهم إذا تحركت فيه مبادى الحسد لم يقدر على إظهاره،فيتعلل بالطعن في دينه و في ورعه ليحمل غضبه على ذلك و يقول:إنما غضبت لدين اللّه لا لنفسي.و مهما ذكرت عيوبه بين يديه ربما فرح له،و إن أثنى عليه ربما ساءه و كرهه.و ربما قطب وجهه إذا ذكرت عيوبه،يظهر أنه كاره لغيبة المسلمين،و سر قلبه راض به،و مريد له،و اللّه مطلع عليه في ذلك فهذا و أمثاله من خفايا القلوب لا يفطن له إلا الأكياس،و لا يتنزه عنه إلا الأقوياء و لا مطمع فيه لأمثالنا من الضعفاء إلا أن أقل الدرجات أن يعرف الإنسان عيوب نفسه، و يسوءه ذلك و يكرهه،و يحرص على إصلاحه.فإذا أراد اللّه بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه و من سرته حسنته.و ساءته سيئته،فهو مرجو الحال،و أمره أقرب من المغرور المزكى لنفسه،الممتن على اللّه بعمله و علمه،الظان أنه من خيار خلقه،فنعوذ باللّه من الغفلة و الاغترار و من المعرفة بخفايا العيوب مع الإهمال.هذا غرور الذين حصلوا العلوم المهمة،و لكن قصروا في العمل بالعلم،و لنذكر الآن غرور الذين قنعوا من العلوم بما لم يهمهم و تركوا المهم و هم به مغترون.إما لاستغنائهم عن أصل ذلك العلم،و إما لاقتصارهم عليه فمنهم فرقة اقتصروا على علم الفتاوى في الحكومات و الخصومات،و تفاصيل المعاملات الدنيوية الجارية بين الخلق لمصالح العباد،و خصصوا اسم الفقه بها،و سموه الفقه و علم المذهب،و ربما ضيعوا مع ذلك الأعمال الظاهرة و الباطنة،فلم يتفقدوا الجوارح،و لم يخرسوا اللسان عن الغيبة ،و لا البطن عن الحرام،و لا الرّجل عن المشي إلى السلاطين ، و كذا سائر الجوارح.و لم يخرسوا قلوبهم عن الكبر،و الحسد،و الرياء و سائر المهلكات فهؤلاء مغرورون من وجهين:أحدهما من حيث العمل،و الآخر من حيث العلم أما العمل فقد ذكرنا وجه الغرور فيه،و أن مثالهم مثال المريض إذا تعلم نسخة الدواء،و اشتغل بتكراره و تعليمه.لا بل مثالهم مثال من به علة البواسير و البرسام و هو مشرف على الهلاك،و محتاج إلى تعلم الدواء و استعماله،فاشتغل بتعلم دواء

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست