responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 101

و الكبر،و طلب العلو،و جاهدوا أنفسهم في التبري منها،و قلعوا من القلب منابتها الجلية القوية،و لكنهم بعد مغرورون،إذ بقيت في زوايا القلب من خفايا مكايد الشيطان و خبايا خداع النفس،ما دك و غمض مدركه،فلم يفطنوا لها و أهملوها.و إنما مثاله من يريد تنقية الزرع من الحشيش،فدار عليه،و فتش عن كل حشيش رآه فقلعه،إلا أنه لم يفتش على ما لم يخرج رأسه بعد من تحت الأرض،و ظن أن الكل قد ظهر و برز،و كان قد نبت من أصول الحشيش شعب لطاف،فانبسطت تحت التراب،فأهملها و هو يظن أنه قد قلعها،فإذا هو بها في غفلته و قد نبتت و قويت،و أفسدت أصول الزرع من حيث لا يدرى.فكذلك العالم قد يفعل جميع ذلك،و يذهل عن المراقبة للخفايا،و التفقد للدفائن فتراه يسهر ليله و نهاره في جمع العلوم و ترتيبها،و تحسين ألفاظها،و جمع التصانيف فيها و هو يرى أن باعثه الحرص على إظهار دين اللّه و نشر شريعته،و لعل باعثه الخفي هو طلب الذكر و انتشار الصيت في الأطراف،و كثرة الرحلة إليه من الآفاق،و انطلاق الألسنة عليه بالثناء،و المدح بالزهد و الورع و العلم،و التقديم له في المهمات،و إيثاره في الأغراض، و الاجتماع حوله للاستفادة،و التلذذ بحسن الإصغاء عند حسن اللفظ و الإيراد ،و التمتع بتحريك الرءوس إلى كلامه ،و البكاء عليه،و التعجب منه،و الفرح بكثرة الأصحاب، و الأتباع،و المستفيدين،و السرور بالتخصص بهذه الخاصية من بين سائر الأقران و الأشكال للجمع بين العلم،و الورع،و ظاهر الزهد،و التمكن به من إطلاق لسان الطعن في الكافة المقبلين على الدنيا.لا عن تفجع بمصيبة الدين،و لكن عن إدلال بالتمييز،و اعتداد بالتخصيص و لعل هذا المسكين المغرور،حياته في الباطن بما انتظم له من أمر،و إمارة،و عز، و انقياد،و توقير،و حسن ثناء،فلو تغيرت عليه القلوب،و اعتقدوا فيه خلاف الزهد بما يظهر من أعماله.فعساه يتشوش عليه قلبه،و تختلط أوراده و وظائفه،و عساه يعتذر بكل حيلة لنفسه،و ربما يحتاج إلى أن يكذب في تغطية عيبه،و عساه يؤثر بالكرامة و المراعاة من اعتقد فيه الزهد و الورع،و إن كان قد اعتقد فيه فوق قدره.و ينبو قلبه عمن عرف حد فضله و ورعه،و إن كان ذلك على وفق حاله.و عساه يؤثر بعض أصحابه على بعض،و هو يرى أنه يؤثره لتقدمه في الفضل و الورع،و إنما ذلك لأنه أطوع له،و اتبع لمراده،و أكثر

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 11  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست