responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 96

لا يخلو عن الحاجة إلى خادم يخدمه،و رفيق يعينه،و أستاذ يرشده،و سلطان يحرسه و يدفع عنه ظلم الأشرار،فحبه لأن يكون له في قلب خادمه من المحل ما يدعوه إلى الخدمة ليس بمذموم.و حبه لأن يكون له في قلب رفيقه من المحل ما يحسن به مرافقته و معاونته ليس بمذموم .و حبه لأن يكون له في قلب أستاذه من المحل ما يحسن به إرشاده و تعليمه و العناية به ليس بمذموم.و حبه لأن يكون له من المحل في قلب سلطانه ما يحثه ذلك على دفع الشر عنه ليس بمذموم.فإن الجاه وسيلة إلى الأغراض كالمال.فلا فرق بينهما.إلا أن التحقيق في هذا يفضي إلى أن لا يكون المال و الجاه بأعيانهما محبوبين له،بل ينزل ذلك منزلة حب الإنسان أن يكون له في داره بيت ماء،لأنه مضطر إليه لقضاء حاجته.و يود أن لو استغنى عن قضاء الحاجة حتى يستغنى عن بيت الماء.فهذا على التحقيق ليس محبا لبيت الماء.فكل ما يزاد للتوصل به إلى محبوب،فالمحبوب هو المقصود المتوصل إليه.و تدرك التفرقة بمثال آخر،و هو أن الرجل قد يحب زوجته من حيث إنه يدفع بها فضلة الشهوة كما يدفع ببيت الماء فضلة الطعام.و لو كفى مئونة الشهوة لكان يهجر زوجته،كما أنه لو كفى قضاء الحاجة لكان لا يدخل بيت الماء و لا يدور به.و قد يجب الإنسان زوجته لذاتها حب المشاق،و لو كفى الشهوة لبقي مستصحبا لنكاحها.فهذا هو الحب دون الأول.و كذلك الجاه و المال،قد يحب كل واحد منهما على هذين الوجهين.فحبهما لأجل التوصل بهما إلى مهمات البدن غير مذموم.و حبهما لأعيانهما فيما يجاوز ضرورة البدن و حاجته مذموم.

و لكنه لا يوصف صاحبه بالفسق و العصيان.ما لم يحمله الحب على مباشرة معصية ،و ما يتوصل به إلى اكتساب بكذب و خداع و ارتكاب محظور،و ما لم يتوصل إلى اكتسابه بعبادة.فإن التوصل إلى الجاه و المال بالعبادة جناية على الدين،و هو حرام،و إليه يرجع معنى الرياء المحظور كما سيأتي فإن قلت:طلبه المنزلة و الجاه في قلب أستاذه،و خادمه،و رفيقه،و سلطانه،و من يرتبط به أمره مباح على الإطلاق كيفما كان،أو يباح إلى حد مخصوص،على وجه مخصوص؟ فأقول:يطلب ذلك على ثلاثة أوجه:وجهان منه مباحان،و وجه محظور أما الوجه المحظور،فهو أن يطلب قيام المنزلة في قلوبهم باعتقادهم فيه صفة هو منفك عنها.مثل العلم،و الورع،و النسب،فيظهر لهم أنه علوى،أو عالم،أو ورع،و هو لا يكون كذلك

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست