responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 95

بل يبقيان كمالا فيه،و وسيلة إلى القرب من اللّه تعالى.فانظر كيف انقلب الجاهلون و انكبوا على وجوههم انكباب العميان،فأقبلوا على طلب كمال القدرة بالجاه و المال،و هو الكمال الذي لا يسلم،و إن سلم فلا بقاء له،و أعرضوا عن كمال الحرية و العلم،الذي إذا حصل كان أبديا لا انقطاع له.و هؤلاء هم الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة،فلا جرم لا يخفف عنهم العذاب و لا هم ينصرون،و هم الذين لم يفهموا قوله تعالى اَلْمٰالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ الْبٰاقِيٰاتُ الصّٰالِحٰاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوٰاباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً [1]فالعلم و الحرية هي الباقيات الصالحات التي تبقى كمالا في النفس.و المال و الجاه هو الذي ينقضي على القرب و هو كما مثله اللّه تعالى حيث قال إِنَّمٰا مَثَلُ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا كَمٰاءٍ أَنْزَلْنٰاهُ مِنَ السَّمٰاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبٰاتُ الْأَرْضِ [2]الآية،و قال تعالى وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا كَمٰاءٍ أَنْزَلْنٰاهُ مِنَ السَّمٰاءِ [3]إلى قوله فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيٰاحُ [4]و كل ما تذروه رياح الموت فهو زهرة الحياة الدنيا و كل ما لا يقطعه الموت فهو الباقيات الصالحات.فقد عرفت بهذا أن كمال القدرة بالمال و الجاه كمال ظنى لا أصل له،و أن من قصر الوقت على طلبه و ظنه مقصودا فهو جاهل،و إليه أشار أبو الطيب بقوله
و من ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر
إلا قدر البلغة منهما إلى الكمال الحقيقي .اللهم اجعلنا ممن وفقته للخير و هديته بلطفك

بيان
ما يحمد من حب الجاه و ما يذم

مهما عرفت أن معنى الجاه ملك القلوب،و القدرة عليها،فحكمه حكم ملك الأموال فإنه عرض من أعراض الحياة الدنيا،و ينقطع بالموت كالمال،و الدنيا مزرعة الآخرة.

فكل ما خلق في الدنيا،فيمكن أن يتزود منه للآخرة.و كما أنه لا بد من أدنى مال لضرورة المطعم،و المشرب،و الملبس،فلا بد من أدنى جاه لضرورة المعيشة مع الخلق.و الإنسان كما لا يستغنى عن طعام يتناوله.فيجوز أن يحب الطعام،أو المال الذي يبتاع به الطعام،فكذلك


[1] الكهف:46.

[2] يونس:24

[3] الكهف:45.

[4] الكهف:45.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست