responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 57

و مثال دفع هذه الصفات بعضها ببعض،ما يقال إن الميت تستحيل جميع أجزائه دودا ثم يأكل بعض الديدان البعض،حتى يقل عددها.ثم يأكل بعضها بعضا،حتى ترجع إلى اثنتين،قويتين،عظيمتين.ثم لا تزالان تتقاتلان ،إلى أن تغلب إحداهما الأخرى، فتأكلها،و تسمن بها.ثم لا تزال تبقى جائعة وحدها،إلى أن تموت .فكذلك هذه الصفات الخبيثة،يمكن أن يسلط بعضها على بعض،حتى يقمعها،و يجعل الأضعف قوتا للأقوى،إلى أن لا يبقى إلا واحدة،ثم تقع العناية بمحوها و إذابتها بالمجاهدة،و هو منع القوت عنها و منع القوت عن الصفات،أن لا يعمل بمقتضاها،فإنها تقتضي لا محالة أعمالا،و إذا خولفت خمدت الصفات و ماتت.مثل البخل،فإنه يقتضي إمساك المال.فإذا منع مقتضاه و بذل المال مع الجهد مرة بعد أخرى،ماتت صفة البخل،و صار البذل طبعا،و سقط التعب فيه.فإن علاج البخل بعلم و عمل.فالعلم يرجع إلى معرفة آفة البخل،و فائدة الجود،و العمل يرجع إلى الجود و البذل على سبيل التكلف.و لكن قد يقوى البخل،بحيث يعمى و يصم فيمنع تحقق المعرفة فيه.و إذا لم تتحقق المعرفة،لم تتحرك الرغبة،فلم يتيسر العمل.فتبقى العلة مزمنة،كالمرض الذي يمنع معرفة الدواء و إمكان استعماله،فإنه لا حيلة فيه إلا الصبر إلى الموت.

و كان من عادة بعض شيوخ الصوفية،في معالجة علة البخل في المريدين،أن يمنعهم من الاختصاص بزواياهم .و كان إذا توهم في مريد فرحه بزاويته و ما فيها،نقله إلى زاوية غيرها و نقل زاوية غيره إليه،و أخرجه عن جميع ما ملكه.و إذا رآه يلتفت إلى ثوب جديد يلبسه،أو سجادة يفرح بها،يأمره بتسليمها إلى غيره،و يلبسه ثوبا خلقا،لا يميل إليه قلبه.فبهذا يتجافى القلب عن متاع الدنيا.فمن لم يسلك هذا السبيل،أنس بالدنيا و أحبها.فإن كان له ألف متاع،كان له ألف محبوب و لذلك إذا سرق كل واحد منه،ألمت به مصيبة بقدر حبه له.فإذا مات،نزل به ألف مصيبة دفعة واحدة،لأنه كان يحب الكل،و قد سلب عنه.بل هو في حياته على خطر المصيبة بالفقد و الهلاك حمل إلى بعض الملوك قدح من فيروزج،مرصع بالجواهر،لم ير له نظير.ففرح الملك بذلك فرحا شديدا.فقال لبعض الحكماء عنده،كيف ترى هذا؟قال أراه مصيبة أو فقرا قال كيف؟قال إن كسر كان مصيبة لا جبر لها.و إن سرق صرت فقيرا إليه،و لم تجد مثله

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست