responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 56

فيعلم أنه مستثقل و مستقذر في قلوب الناس،مثل سائر البخلاء في قلبه.و يعالج أيضا قلبه بأن التفكر في مقاصد المال،و أنه لما ذا خلق.و لا يحفظ من المال إلا بقدر حاجته إليه و الباقي يدخره لنفسه في الآخرة،بأن يحصل له ثواب بذله.فهذه الأدوية من جهة المعرفة و العلم.فإذا عرف بنور البصيرة،أن البذل خير له من الإمساك في الدنيا و الآخرة هاجت رغبته في البذل إن كان عاقلا.فإن تحركت الشهوة،فينبغي أن يجيب الخاطر الأول و لا يتوقف،فإن الشيطان يعده الفقر،و يخوفه،و يصده عنه.حكى أن أبا الحسن البوشنجي كان ذات يوم في الخلاء،فدعا تلميذا له،و قال انزع عنى القميص و ادفعه إلى فلان.فقال هلا صبرت حتى تخرج؟قال لم آمن على نفسي أن تتغير ،و كان قد خطر لي بذله

و لا تزول صفة البخل إلا بالبذل تكلفا.

كما لا يزول العشق إلا بمفارقة المعشوق،بالسفر عن مستقره،حتى إذا سافر و فارق تكلفا،و صبر عنه مدة تسلى عنه قلبه.فكذلك الذي يريد علاج البخل،ينبغي أن يفارق المال تكلفا بأن يبذله.بل لو رماه في الماء كان أولى به من إمساكه إياه مع الحب له.و من لطائف الحيل فيه،أن يخدع نفسه بحسن الاسم و الاشتهار بالسخاء،فيبذل على قصد الرياء ،حتى تسمح نفسه بالبذل طمعا في حشمة الجود فيكون قد أزال عن نفسه خبث البخل،و اكتسب بها خبث الرياء.و لكن ينعطف بعد ذلك على الرياء،و يزيله بعلاجه،و يكون طلب الاسم كالتسلية للنفس عند فطامها عن المال،كما قد يسلى الصبي عند الفطام عن الثدي باللعب بالعصافير و غيرها.لا ليخلى و اللعب و لكن لينفك عن الثدي إليه،ثم ينقل عنه إلى غيره.فكذلك هذه الصفات الخبيثة، ينبغي أن يسلط بعضها على بعض،كما تسلط الشهوة على الغضب،و تكسر سورته بها.

و يسلط الغضب على الشهوة،و تكسر رعونتها به.إلا أن هذا مفيد في حق من كان البخل أغلب عليه من حب الجاه و الرياء،فيبدل الأقوى بالأضعف.فإن كان الجاه محبوبا عنده كالمال،فلا فائدة فيه،فإنه يقلع من علة،و يزيد في أخرى مثلها.إلا أن علامة ذلك أن لا يثقل عليه البذل لأجل الرياء.فبذلك يتبين أن الرياء أغلب عليه.فإن كان البذل يشق عليه مع الرياء،فينبغي أن يبذل،فإن ذلك يدل على أن مرض البخل أغلب على قلبه

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست