responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 119

و أما أهل الدنيا،فمراءاتهم بالقول بحفظ الأشعار و الأمثال،و التفاصح في العبارات،و حفظ النحو الغريب،للأغراب على أهل الفضل،و إظهار التودد إلى الناس لاستمالة القلوب

الرابع:الرياء بالعمل.

كمراءاة المصلّى بطول القيام،و مد الظهر ،و طول السجود و الركوع و إطراق الرأس،و ترك الالتفات ،و إظهار الهدوء و السكون،و تسوية القدمين و اليدين و كذلك بالصوم،و الغزو،و الحج،و بالصدقة،و بإطعام الطعام،و بالإخبات في المشي عند اللقاء،كإرخاء الجفون،و تنكيس الرأس،و الوقار في الكلام.حتى أن المرائي قد يسرع في المشي إلى حاجته،فإذا اطلع عليه أحد من أهل الدين،رجع إلى الوقار و إطراق الرأس خوفا من أن ينسبه إلى العجلة و قلة الوقار.فإن غاب الرجل عاد إلى عجلته،فإذا رآه عاد إلى خشوعه،و لم يحضره ذكر اللّه حتى يكون يجدد الخشوع له،بل هو لاطلاع إنسان عليه، يخشى أن لا يعتقد فيه أنه من العبّاد و الصلحاء.و منهم من إذا سمع هذا استحيا من أن تخالف مشيته في الخلوة،مشيته بمرأى من الناس،فيكلف نفسه المشية الحسنة في الخلوة،حتى إذا رآه الناس لم يفتقر إلى التغيير،و يظن أنه يتخلص به عن الرياء،و قد تضاعف به رياؤه،فإنه صار في خلوته أيضا مرائيا فإنه إنما يحسن مشيته في الخلوة،ليكون كذلك في الملإ،لا لخوف من اللّه و حياء منه.و أما أهل الدّنيا فمراءاتهم بالتبختر،و الاختيال و تحريك اليدين،و تقريب الخطا،و الأخذ بأطراف الذيل ،و إدارة العطفين،ليدلوا بذلك على الجاه و الحشمة

الخامس:المرآة بالأصحاب و الزائرين و المخالطين

كالذي يتكلف أن يستزير عالما من العلماء.ليقال إن فلانا قد زار فلانا.أو عابدا من العبّاد،ليقال إن أهل الدين يتبركون بزيارته،و يترددون إليه.أو ملكا من الملوك،أو عاملا من عمال السلطان،ليقال إنهم يتبركون به لعظم رتبته في الدين.و كالذي يكثر ذكر الشيوخ،ليرى أنه لقى شيوخا كثيرة و استفاد منهم،فيباهي بشيوخه.و مباهاته و مراءاته تترشح منه عند مخاصمته فيقول لغيره من لقيت من الشيوخ،و أنا قد لقيت فلانا و فلانا،و درت البلاد،و خدمت الشيوخ،و ما يجرى مجراه فهذه مجامع ما يرائي به المراءون.و كلهم يطلبون بذلك الجاه و المنزلة في قلوب العباد

و منهم من يقنع بحسن الاعتقادات فيه.

فكم من راهب انزوى إلى ديره سنين كثيرة و كم من عابد اعتزل إلى قلة جبل مدة مديدة،و إنما خبأته من حيث علمه بقيام جاهه في قلوب الخلق.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست