responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 120

و لو عرف أنهم نسبوه إلى جريمة في ديره أو صومعته،لتشوش قلبه،و لم يقنع بعلم اللّه ببراءة ساحته،بل يشتد لذلك غمه،و يسعى بكل حيلة في إزالة ذلك من قلوبهم،مع قطع طمعه من أموالهم ،و لكنه يحب مجرد الجاه،فإنه لذيذ كما ذكرناه في أسبابه،فإنه نوع قدرة و كمال في الحال و إن كان سريع الزوال،لا يغتر به إلا الجهال.و لكن أكثر الناس جهال

و من المرائين من لا يقنع بقيام منزلته

،بل يلتمس مع ذلك إطلاق اللسان بالثناء و الحمد و منهم من يريد انتشار الصيت في البلاد،لتكثر الرحلة إليه.و منهم يريد الاشتهار عند الملوك،لتقبل شفاعته،و تنجز الحوائج على يده،فيقوم له بذلك جاه عند العامة و منهم من يقصد التوصل بذلك إلى جمع حطام،و كسب مال،و لو من الأوقاف و أموال اليتامى،و غير ذلك من الحرام.و هؤلاء شر طبقات المرائين،الذين يراءون بالأسباب التي ذكرناها فهذه حقيقة الرياء و ما به يقع الرياء.

فإن قلت:فالرياء حرام أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل

فأقول:فيه تفصيل،فإن الرياء هو طلب الجاه،و هو إما أن يكون بالعبادات،فإن كان بغير العبادات،فهو كطلب المال فلا يحرم من حيث إنه طلب منزلة في قلوب العباد.و لكن كما يمكن كسب المال بتلبيسات،و أسباب محظورة،فكذلك الجاه و كما أن كسب قليل من المال،و هو ما يحتاج إليه الإنسان محمود،فكسب قليل من الجاه،و هو ما يسلم به عن الآفات أيضا محمود و هو الذي طلبه يوسف عليه السلام حيث قال إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [1]و كما أن المال فيه سم ناقع،و درياق نافع،فكذلك الجاه.و كما أن كثير المال يلهى و يطغى،و ينسى ذكر اللّه و الدار الآخرة،فكذلك كثير الجاه بل أشد.و فتنة الجاه أعظم من فتنة المال و كما أنا لا نقول تملك المال الكثير حرام،فلا نقول أيضا تملك القلوب الكثيرة حرام،إلا إذا حملته كثرة المال و كثرة الجاه على مباشرة ما لا يجوز.نعم انصراف الهم إلى سعة الجاه مبدأ الشرور، كانصراف الهم إلى كثرة المال.و لا يقدر محب الجاه و المال على ترك معاصي القلب و اللسان و غيرها و أما سعة الجاه،من غير حرص منك على طلبه،و من غير اغتمام بزواله إن زال.فلا ضرر فيه.فلا جاه أوسع من جاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم،و جاه الخلفاء الراشدين،و من بعدهم من علماء الدين،و لكن انصراف الهم إلى طلب الجاه نقصان في الدين،و لا يوصف بالتحريم


[1] يوسف:55

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست