responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 101

كل ذلك غموم عاجلة،و مكدرة للذة الجاه،فلا يفي في الدنيا مرجوها بمخوفها، فضلا عما يفوت في الآخرة.فبهذا ينبغي أن تعالج البصيرة الضعيفة.و أما من نفذت بصيرته،و قوى إيمانه،فلا يلتفت إلى الدنيا.فهذا هو العلاج من حيث العلم

و أما من حيث العمل:

فإسقاط الجاه عن قلوب الخلق،بمباشرة أفعال يلام عليها،حتى يسقط من أعين الخلق،و تفارقه لذة القبول،و يأنس بالخمول و برد الخلق،و يقنع بالقبول من الخالق.و هذا هو مذهب الملامتية ،إذ اقتحموا الفواحش في صورتها،ليسقطوا أنفسهم من أعين الناس،فيسلموا من آفة الجاه .و هذا غير جائز لمن يقتدى به،فإنه يوهن الدين في قلوب المسلمين.و أما الذي لا يقتدى به،فلا يجوز له أن يقدم على محظور لأجل ذلك،بل له أن يفعل من المباحات ما يسقط قدره عند الناس،كما روى أن بعض الملوك قصد بعض الزهاد،فلما علم بقربه منه،استدعى طعاما و بقلا،و أخذ يأكل بشره،و يعظم اللقمة.فلما نظر إليه الملك سقط من عينه و انصرف.فقال الزاهد.الحمد للّٰه الذي صرفك عنى و منهم من شرب شرابا حلالا في قدح لونه لون الخمر،حتى يظن به أنه يشرب الخمر، فيسقط من أعين الناس.و هذا في جوازه نظر من حيث الفقه.إلا أن أرباب الأحوال ربما يعالجون أنفسهم بما لا يفتي به الفقيه،مهما رأوا إصلاح قلوبهم فيه،ثم يتداركون ما فرط منهم فيه من صورة التقصير كما فعل بعضهم،فإنه عرف بالزهد،و أقبل الناس عليه ،فدخل حماما،و لبس ثياب غيره و خرج،فوقف في الطريق حتى عرفوه،فأخذوه و ضربوه، و استردوا منه الثياب،و قالوا إنه طرار ،و هجروه.و أقوى الطرق في قطع الجاه الاعتزال عن الناس،و الهجرة إلى موضع الخمول.فإن المعتزل في بيته.في البلد الذي هو به مشهور لا يخلو عن حب المنزلة التي ترسخ له في القلوب بسبب عزلته.فإنه ربما يظن أنه ليس محبا لذلك الجاه،و هو مغرور.و إنما سكنت نفسه لأنها قد ظفرت بمقصودها.و لو تغير الناس عما اعتقدوه فيه،فذموه،أو نسبوه إلى أمر غير لائق به،جزعت نفسه و تألمت، و ربما توصلت إلى الاعتذار عن ذلك،و إماطة ذلك الغبار عن قلوبهم.و ربما يحتاج في إزالة ذلك عن قلوبهم إلى كذب و تلبيس،و لا يبالي به.و به يتبين بعد أنه محب للجاه و المنزلة.

و من أحب الجاه و المنزلة فهو كمن أحب المال،بل هو شر منه،فإن فتنة الجاه أعظم،

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست