responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 100

حميدة هو خال عنها.و ذلك هو عين النفاق.فحب الجاه إذن من المهلكات،فيجب علاجه و إزالته عن القلب،فإنه طبع جبل عليه القلب كما جبل على حب المال و علاجه مركب من علم و عمل

أما العلم:

فهو أن يعلم السبب الذي لأجله أحب الجاه،و هو كمال القدرة على أشخاص الناس،و على قلوبهم.و قد بينا أن ذلك إن صفا و سلم فآخره الموت،فليس هو من الباقيات الصالحات.بل لو سجد لك كل من على بسيط الأرض من المشرق إلى المغرب،فإلى خمسين سنة لا يبقى الساجد و لا المسجود له .و يكون حالك كحال من مات قبلك من ذوي الجاه مع المتواضعين له،فهذا لا ينبغي أن يترك به الدين الذي هو الحياة الأبدية التي لا انقطاع لها و من فهم الكمال الحقيقي و الكمال الوهمي كما سبق،صغر الجاه في عينه،إلا أن ذلك إنما يصغر في عين من ينظر إلى الآخرة كأنه يشاهدها،و يستحقر العاجلة،و يكون الموت كالحاصل عنده،و يكون حاله كحال الحسن البصري حين كتب إلى عمر بن عبد العزيز.

أما بعد:فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات،فانظر كيف مد نظره نحو المستقبل،و قدره كائنا.و كذلك حال عمر بن عبد العزيز حين كتب في جوابه:أما بعد، فكأنك بالدنيا لم تكن،و كأنك بالآخرة لم تزل.فهؤلاء كان التفاتهم إلى العاقبة،فكان عملهم لها بالتقوى،إذ علموا أن العاقبة للمتقين،فاستحقروا الجاه و المال في الدنيا.و أبصار أكثر الخلق ضعيفة مقصورة على العاجلة،لا يمتد نورها إلى مشاهدة العواقب.و لذلك قال تعالى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا. وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ [1]و قال عز و جل كَلاّٰ بَلْ تُحِبُّونَ الْعٰاجِلَةَ وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ [2]فمن هذا حده فينبغي أن يعالج قلبه من حب الجاه بالعلم بالآفات العاجلة،و هو أن يتفكر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه في الدنيا .فإن كل ذي جاه محسود و مقصود بالإيذاء،و خائف على الدوام على جاهه،و محترز من أن تتغير منزلته في القلوب.و القلوب أشد تغيرا من القدر في غليانها.و هي مترددة بين الإقبال و الإعراض.فكل ما يبنى على قلوب الخلق يضاهي ما يبنى على أمواج البحر، فإنه لا ثبات له.و الاشتغال بمراعاة القلوب،و حفظ الجاه،و دفع كيد الحساد،و منع أذى الأعداء،


[1] الأعلى:16،17

[2] القيامة:

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 10  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست