responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 73

يتضمن التفريق و الفرق الذي يتضمن الجمع و يظهر هذا الخلق من حضرة العزة و الإبانة و الحكمة و الكرم و من هذه الأخلاق خلق النور المستور و هو من أعز المعارف إذ لا يتمكن في النور أن يكون مستورا فإنه لذاته يخرق الحجب و يهتك الأستار فما هذا الستر الذي يحجبه إلا إن ذلك الحجاب هو أنت كما قال العارف

فأنت حجاب القلب عن سر غيبه و لولاك لم يطبع عليه ختامه
و من هذه الأخلاق خلق اليد و هو القوة و هو مخصوص بالقلوب و أصحابها و هو على مراتب و من هذه الأخلاق خلق إعدام الأسباب في عين وجودها و هو على مراتب وقفت منها في الأندلس على مائة مرتبة لا توجد في الكمال إلا في روحانية ذلك الإقليم فإنه لكل جزء من الأرض روحانية علوية تنظر إليه و لتلك الروحانية حقيقة إلهية تمدها و تلك الحقيقة هي المسماة خلقا إلهيا و أما بقية الأخلاق فلها مراتب دون هذه التي ذكرناها في الإحاطة و العموم و لكل خلق من هذه الأخلاق درجة في الجنة لا ينالها إلا من له هذا الخلق و هذه الأربع التي ذكرناها منها للرسل و منها للأنبياء و منها للأولياء و منها للمؤمنين و كل طبقة من هؤلاء الأربع على منازل بعددهم فمنها ما يشاركهم فيها الملأ الأعلى و منها ما تختص به تلك الطبقة و ذلك أن كل أمر يطلب الحق ففيه يقع الاشتراك و كل أمر يطلب الخلق فهو يختص بذلك النوع من الخلق يقتصر عليه

[الأخلاق التي لا يعلمها إلا اللّٰه و التي تعينها أسماء الإحصاء]

و من الباقي أربعة عشر خلقا لا يعلمها إلا اللّٰه و الباقي من الأخلاق تعينها أسماء الإحصاء و هي أسماء لا يعرفها إلا ولي أو من سمعها من رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من الصحابة و أما من طريق النقل فلا يحصل بها علم و أما الثلاثة عشر فيختص بعلمها سبحانه و ما بقي فيعلمه أهل الجنة و هم في العلم بها على طبقات و أعني بأهل الجنة الذين هم أهلها فإنه لله سبحانه أهل هم أهله لا يصلحون لغيره كما

ورد في الخبر أن أهل القرآن هم أهل اللّٰه و خاصته و للجنة أهل هم أهلها لا يصلحون إلا لها لا يصلحون لله و إن جمعتهم حضرة الزيارة و لكن هم فيها بالعرض و للنار أهل هم أهلها لا يصلحون لله و لا للجنة و لكل أهل فيما هم فيه نعيم بما هم فيه و لكن بعد نفوذ أمر سلطان الحكم العدل القاضي إلى أجل مسمى و كل طائفة لها شرب و ذوق في هذه الأخلاق المذكورة في هذا الباب

[انقسام الأخلاق على طبقات ثلاث]

فانقسمت هذه الأخلاق على هؤلاء الطبقات الثلاث كل خلق منها يدعوهم إلى ما يقتضيه أمره و شأنه من نار أو جنان أو حضور عنده حيث لا أين و لا كيف و للمعاني المجردة منها أخلاق و لعالم الحس منها أخلاق و لعالم الخيال منها أخلاق فجنة محسوسة لمعنى دون حس و جنة معنوية لحس دون معنى و حضور مع الحق معنوي لحس دون معنى و حضور مع الحق محسوس لمعنى و نار محسوسة لمعنى دون حس و نار معنوية لحس دون معنى و تتفاضل مشارب هؤلاء الطبقات فيها فمنهم التام و الأتم و الكامل و الأكمل

[المنعم بعذابه المعذب بنعيمه]

فَسُبْحٰانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في كل حضرة فإنه كلما أثبتناه من أعيان أكوان في نار و جنان فليس إلا الحق إذ هي مظاهره فالنعيم به لا يصح أصلا في غير مظهر فإنه فناء ليس فيه لذة فإذا تجلى في المظاهر وقعت اللذات و الآلام و سرت في العالم و يرحم اللّٰه من قال

فهل سمعتم بصب سليم طرف سقيم
منعم بعذاب معذب بنعيم
فبه النعيم و به العذاب فلا يوجد النعيم أبدا إلا في مركب و كَذٰلِكَ الْعَذٰابُ و أما النعيم و العذاب البسيط فلا حكم له في الوجود فإنه معقول غير موجود

[أهل المظاهر و أهل أحدية الذات]

فأهل المظاهر هم أهل النعيم و العذاب و أهل أحدية الذات لا نعيم عندهم و لا عذاب قال أبو يزيد ضحكت زمانا و بكيت زمانا و أنا اليوم لا أضحك و لا أبكي و قيل له كيف أصبحت قال لا صباح لي و لا مساء إنما المساء و الصباح لمن تقيد بالصفة و لا صفة لي

(السؤال التاسع و الأربعون و الموفي خمسين)كم للرسل سوى محمد صلى اللّٰه عليه و سلم منها و كم لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم
منها

الجواب كلها إلا اثنين و هم فيها على قدر ما نزل في كتبهم و صحفهم إلا محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم فإنه جمعها كلها بل جمعت له عناية أزلية قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ فيما لهم به من هذه الأخلاق

[المصطفى من الخلق واحد هو منهم و ليس منهم]

فاعلم أن اللّٰه تعالى لما خلق الخلق خلقهم أصنافا و جعل في كل صنف خيارا و اختار من الخيار خواص و هم المؤمنون و اختار من المؤمنين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست