responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 74

خواص و هم الأولياء و اختار من هؤلاء الخواص خلاصة و هم الأنبياء و اختار من الخلاصة نقاوة و هم أنبياء الشرائع المقصورة عليهم و اختار من النقاوة شرذمة قليلة هم صفاء النقاوة المروقة و هم الرسل أجمعهم و اصطفى واحدا من خلقه هو منهم و ليس منهم هو المهيمن على جميع الخلائق جعله عمدا أقام عليه قبة الوجود جعله أعلى المظاهر و أسناها صح له المقام تعيينا و تعريفا فعلمه قبل وجود طينة البشر و هو محمد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لا يكاثر و لا يقاوم هو السيد و من سواه سوقة

قال عن نفسه أنا سيد الناس و لا فخر بالراء و الزاي روايتان أي أقولها غير متبجح بباطل أي أقولها و لا أقصد الافتخار على من بقي من العالم فإني و إن كنت أعلى المظاهر الإنسانية فإنا أشد الخلق تحققا بعيني فليس الرجل من تحقق بربه و إنما الرجل من تحقق بعينه لما علم إن اللّٰه أوجده له تعالى لا لنفسه و ما فاز بهذه الدرجة ذوقا إلا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و كشفا إلا الرسل و راسخو علماء هذه الأمة المحمدية و من سواهم فلا قدم لهم في هذا الأمر

[الغرض و الغاية من الإيجاد العالم]

و ما سوى من ذكرنا ما علم أن اللّٰه أوجده له تعالى بل يقولون إنما أوجد العالم للعالم فرفع بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا و هو غني عن العالمين هذا مذهب جماعة من العلماء بالله و قالت طائفة من العارفين إن اللّٰه أوجد الإنس له تعالى و الجن و أوجد ما عدا هذين الصنفين للإنسان و

قد روى في ذلك خبر إلهي عن موسى صلى اللّٰه عليه و سلم أن اللّٰه أنزل في التوراة يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك و خلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك و قال تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ و تقتضي المعرفة بالله أن اللّٰه خلق العالم و تعرف إليهم لكمال مرتبة الوجود و مرتبة العلم بالله لا لنفسه سبحانه و هذه الوجوه كلها لها نسب صحيحة و لكن بعضها أحق من بعض و أعلاها ما ذهبنا إليه ثم يلي ذلك خلقه لكمال الوجود و كمال العلم بالله و ما بقي فنازل عن هاتين المرتبتين

[من عرف النسب فقد عرف اللّٰه و من جهلها فقد جهله]

و اعلم أن كل خلق ينسب إلى جناب الحضرة الإلهية فلا بد من مظهر يظهر فيه ذلك الخلق فأما أن يعود من المظهر التخلق به على جناب الحق أو يكون متعلقة مظهر آخر يقتضيه في عين ممكن ما من الممكنات لا يكون إلا هكذا و أما الحق من حيث هو لنفسه فلا خلق فمن عرف النسب فقد عرف اللّٰه و من جهل النسب فقد جهل اللّٰه و من عرف أن النسب تطلبها الممكنات فقد عرف العالم و من عرف ارتفاع النسب فقد عرف ذات الحق من طريق السلب فلا يقبل النسب و لا تقبله و إذا لم يقبل النسب لم يقبل العالم و إذا قبل النسب كان عين العالم قال تعالى وَ اعْبُدْ رَبَّكَ نسبة خاصة حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فتعلم من عبده و من العابد و المعبود قال تعالى مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ صِرٰاطِ اللّٰهِ الَّذِي لَهُ مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ و إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ و إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ لا تعبد أنت فإن عبدته من حيث عرفته فنفسك عبدت و إن عبدته من حيث لم تعرفه فنسبته إلى المرتبة الإلهية عبدت و إن عبدته عينا من غير مظهر و لا ظاهر و لا ظهور بل هو هو لا أنت و أنت أنت لا هو فهو قوله فاعبده فقد عبدته و تلك المعرفة التي ما فوقها معرفة فإنها معرفة لا يشهد معروفها فسبحان من علا في نزوله و نزل في علوه ثم لم يكن واحدا منهما و لم يكن إلا هما لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

(السؤال الحادي و الخمسون)أين خزائن المنن

الجواب في الاختيار المتوهم المنسوب إليه و إليك فأنت مجبور في اختيارك فأين الاختيار و هو ليس بمجبور و أمره واحد فأين الاختيار و لو شاء اللّٰه فما شاء و إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ و ليس بمحل للحوادث بل الأعيان محل الحوادث و هو عين الحوادث عليها فإنها محال ظهوره

[لا أينية لخزائن المنن]

مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمٰنِ ... مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ و الذكر كلامه و هو الذي حدث عندهم و كلامه علمه و علمه ذاته فهو الذي حدث عندهم فهو خزائن المنن و المنن ظهور ما حدث عندهم فيهم و هو لا أين له فلا أينية لخزائن المنن

[العالم خزائن المنن و فينا الحق اختزن]

و لما كانت المنن متعددة طلب عين كل نسبة منه خزانة فلهذا تعددت الخزائن بتعدد المنن و إن كانت واحدة بَلِ اللّٰهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدٰاكُمْ لِلْإِيمٰانِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ أنكم مؤمنون فهذه سنتان منة الهدى و منة الايمان و جميع نعمه الظاهرة و الباطنة مننه و إذا كان هو عين المنة فأنت الخزانة فالعالم خزائن المنن الإلهية ففينا اختزن مننه سبحانه فما هو لنا بأين و نحن له أين فمن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست