responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 643

الصورتان من جميع الوجوه و قد كان قدر تلك العين على كل ما أوجده قبل وجود الإنسان من عقل و نفس و هباء و جسم و فلك و عنصر و مولد فلم يعط شيء منها رتبة كمالية إلا الوجود الإنساني و سماه إنسانا لأنه آنس الرتبة الكمالية فوقع بما رآه الإنس له فسماه إنسانا مثل عمران فالألف و النون فيه زائدتان في اللسان العربي فإن قلت فلما ذا ينصرف و عمران لا ينصرف قلنا في عمران علتان و هما اللتان منعتاه من الصرف و هما الزيادة و التعريف أعني تعريف العلمية و الإنسان ليس كذلك فإن فيه علة واحدة و هي الزيادة و ما لفظ الإنسان للإنسان اسم علم و إنما تعريفه إذا سمي بآدم فلما سمي بآدم لم ينصرف للتعريف و الوزن و إنما سمي باسم معلول بعلة تمنعه من الصرف الذي هو التصرف في جميع المراتب ليعلم في صورته الإلهية أنه مقهور ممنوع عبد ذليل مفتقر إذ كانت الصورة الإلهية تعطيه التصرف في جميع المراتب و لهذا سمي بإنسان فرفع و خفض و نصب و ما ثم في الأسماء مرتبة أخرى فهو إنسان من حيث الصورة و منها يتصرف في المراتب كلها و منع الصرف من حيث هو في قبضة موجدة ملك يبقيه ما شاء و يعدمه إن شاء فبالصورة نال الخلافة و التصريف و اسم الإنسانية فمن إنسانيته ثبت أنه غير يؤنس به و من الخلافة ثبت أنه عبد فقير ما له قوة من استخلفه بل الخلافة خلعت عليه يزيلها متى شاء و يجعلها على غيره كما قد وقع و لهذا قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاٰئِفَ فِي الْأَرْضِ و هي محل الخفض إذ الخفض لا يليق بالجناب العالي فلهذا أقام له نائبا فيه ليعلم أنه عبد فلو استخلف الإنسان في السماء مع وجوده على الصورة لم يشاهد عبوديته في رفعته للصورة و المكان و المكانة فربما طغى و لو طغى ما وقع الأنس به و لهذا من زاحم قصم

قال اللّٰه الكبرياء ردائي و العظمة إزاري من نازعني واحدا منهما قصمته فالعبد صغير في كبرياء الحق فإن هذا الكبرياء الإلهي ألبسه الصغار و هو حقير في عظمة الحق فإن هذه العظمة الإلهية ألبسته الحقارة فالصغار رداء العبد و الحقارة إزاره فمن نازعه من الأناسي واحدة منهما أي طلب مشاركته فيهما عصم لا قصم و رحم ما حرم و لهذا خلق فتأمل أيها الإنسان لم سماك إنسانا و تأمل لم سماك خليفة و تأمل لم سماك آدم في أول صورة ظهرت و لا تتعد ما تعطيه حقيقة هذه الأسماء و لا تغب عنك فتكون من المفلحين و لهذا ختم الاستخلاف الكامل باسم منصرف و هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم ليجبر به ما منع آدم من التصريف فإنه ما منع إلا لعلة قامت به و هو أول في هذا النوع فعصم باسم غير منصرف ليعلم أنه تحت الحجر مقهور لا ينصرف و لا يتصرف إلا فيما حد له ثم بعد ذلك أعطى التصريف جماعة من الخلفاء كنوح و شيث و شعيب و صالح و محمد و هود و لوط و غيرهم لأنه أمن بالأول وقوع ما كان يحذر ثم إنه تخلل هؤلاء الخلفاء أسماء لا تنصرف كإدريس و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و سليمان و داود تنبيها للإنسان إذا سلك طريق اللّٰه ثم عاد بعد قطع الأسباب و الاعتماد على اللّٰه إلى القول بالأسباب و الوقوف عندها لكون الحق وضعها و ربط الأمور بها و حاله الاعتماد على اللّٰه و الطبع من عادته الألفة و يسرق صاحبه إلى الركون لمألوفه كما قلنا لأنه إنسان يأنس بمألوفه فربما يتخلله اعتماد على السبب فيضعف اعتماده على اللّٰه تعالى فيتفقد نفسه بقطع الأسباب وقتا بعد وقت كما فعل اللّٰه بأسماء الخلائف وقتا دعاهم باسم يقتضي لهم التصريف و وقتا دعاهم باسم يمنعهم التصريف تعليما لهم لئلا يقعوا في محظور محذور قال تعالى عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ يَعْلَمْ فلهذا كانت هذه الأسماء التي تمنع الصرف في بعض الخلفاء و أما الذين أعطوا التصريف فهم على قسمين منهم من أعطى التصريف ظاهرا و معنى و هو التصريف الكامل فلهم الاسم الكامل مثل محمد و صالح و شعيب و كل اسم منصرف ظاهر لواحد من هؤلاء الخلفاء و القسم الآخر أعطى التصريف معنى لا ظاهرا فليست له علة تمنعه من الصرف في المعنى و كان آخره حرف علة منعه ذلك الحرف من التصرف في الظاهر فكان مقصورا و سمي ذلك الاسم مقصورا كموسى و عيسى و يحيى فقصروا على المعنى دون الظاهر و سميت هذه بالمقصورة أي قصرت عن درجة التصرف في الظاهر و حبست عنه و منه حور مقصورات في الخيام و إنما قصر من قصر منهم صيانة لا سجنا فصانوا مثل هؤلاء كما صين من لم ينصرف من الأسماء عناية ثم إن اللّٰه تعالى لما أراد أن لا يحجبهم عنهم طبا في حقهم لما يعلم ما تقتضيه هذه النشأة من العلل إذ كان الكمال لا يطاق حكمه إلا بالعناية الإلهية فكان من العناية الإلهية بهم إن أجرى عليهم الأسماء النواقص

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 643
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست