responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 642

أول مرتبة ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ هدى ثانية ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً و هي المرتبة الفردية و لها الجمع و الإنسان محل الجمع لصورة الحضرة الإلهية و لصورة العالم الكبير و لهذا كان الإنسان وجوده بين الحق و العالم الكبير و انفصل جميع المولدات ما سوى الإنسان عن وجود الإنسان بأن جميع المولدات ما عداه موجودون عن العالم فهو عن أم بغير أب كوجود عيسى بن مريم صلوات اللّٰه عليه و إنما نبهناك على هذا لئلا تقول إن جميع المولدات وجدوا بين اللّٰه و العالم و ما كان الأمر كذلك و إلا فلا فائدة لقوله خلق آدم على صورته و لو كانت الصورة ما يتوهمه بعض أصحابنا بل شيوخنا من كونه ذاتا و سبع صفات فإن ذلك ليس بصحيح فإن الحيوان معلوم أن له ذاتا و أنه حي عالم مريد قادر متكلم سميع بصير فكان يبطل اختصاص الإنسان بالصورة و إنما جاءت على جهة التشريف له فلم يبق إلا أن تكون الصورة غير ما ذكروه فإن منعت العلم عن الحيوان كابرت الحس فإن الحيوان مفطور على العلم و أنه يوحى إليه كما قال وَ أَوْحىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ فإن نازعت في الكلام قلنا لك كلامه من جنس ما يليق بمزاجه و أما المكاشف فلا يحتاج معه إلى هذا فإنه يرى ما نرى و يعلم ما نعلم فإن قلت فكلامنا هو الحقيقة قلنا فالكلام الذي تثبته لنفسك إن أردت به الأصوات و الحروف المركبة فكلام اللّٰه عندك على خلاف هذا ليس بصوت و لا حرف إن كنت أشعريا و إن كنت معتزليا فالكلام لمن خلقه و إن كان الكلام عندك عبارة عن كلام النفس فذلك موجود في الحيوان فصوت السنور إذا طلب ما يأكل خلاف صوته إذا طلب ما ينكح فقد أعرب بصوته عما حدثته به نفسه فإن قلت إن ذلك الذي في النفس إرادة و ليس بكلام قلنا و كذلك الإنسان الذي في نفسه إرادة و ليس بكلام فإن قلت ما استدل به أبو إسحاق الأسفراييني الأستاذ من حديث النفس بما مضى و ما مضى لا يكون مرادا إذن فليست إرادة أعني ذلك الذي في النفس قلنا ذلك هو العلم بما قد مضى و التبس عليك و لا دليل لهم على كلام النفس أوضح من هذا و هو مدخول كما رأيت فخرج من هذا أن قوله صلى اللّٰه عليه و سلم على صورته لا يريد ما ذكره أصحابنا من الذات و الصفات و كل الجماعة على ذلك فابحث على هذا الكنز حتى يفتح اللّٰه عليك به كما فتح به على من شاء من خلقه في قوله يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ و مما يختص به هذا المنزل من العلوم أيضا إن اللّٰه لما خلق العقل الأول أعطاه من العلم ما حصل له به الشرف على من هو دونه و مع هذا ما قال فيه إنه مخلوق على الصورة مع أنه مفعول إبداعي كما هي النفس مفعول انبعاثي فلما خلق اللّٰه الإنسان الكامل أعطاه مرتبة العقل الأول و علمه ما لم يعلمه العقل من الحقيقة الصورية التي هي الوجه الخاص له من جانب الحق و بها زاد على جميع المخلوقات و بها كان المقصود من العالم فلم تظهر صورة موجود إلا بالإنسان و العقل الأول على عظمه جزء من الصورة و كل موجود مما عدا الإنسان إنما هو في البعضية و لهذا ما طغى أحد من الخلائق ما طغى الإنسان و علا في وجوده فادعى الربوبية و أكبر العصاة إبليس و هو الذي يقول إِنِّي أَخٰافُ اللّٰهَ رَبَّ الْعٰالَمِينَ عند ما يكفر الإنسان إذا وسوس في صدره بالكفر و ما ادعى قط الربوبية و إنما تكبر على آدم لا على اللّٰه فلو لا كمال الصورة في الإنسان ما ادعى الربوبية فطوبى لمن كان على صورة تقتضي له هذه المنزلة من العلو و لم تؤثر فيه و لا أخرجته من عبوديته فتلك العصمة التي حبانا اللّٰه بالحظ الوافر منها في وقتنا هذا فالله يبقيها علينا فيما بقي من عمرنا إلى أن نقبض عليها أنا و جميع إخواننا و محبينا بمنه لا رب غيره و من هذا المنزل تعرف عقوبة من لم يعرف قدره و جاز حده و احتجب بالصورة عما أراد الحق منه في خلقه بما أخبر به في شريعته فقال وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ ثم لتعلم إن علم القربة في هذا المنزل من وقف عليه و شاهده كان على بينة من ربه فيما يتقرب إليه به و هو ما نبهناك عليه و مما يتضمنه هذا المنزل خاصة علم الجمع بين التقدير و الإيجاد و لا تجد ذلك في منزل من المنازل مفصلا لا واسطة بينهما إذ كان التقدير يتقدم الإيجاد في نفس الأمر في عالم الزمان و لهذا قيل و بعض الناس يخلق ثم لا يفري

[أنه لم يكن في الأزل شيء يقدر به ما يكون في الأبد إلا الهو]

فاعلم أنه لم يكن في الأزل شيء يقدر به ما يكون في الأبد إلا الهو فأراد الهو أن يرى نفسه رؤية كمالية تكون لها و يزول في حقه حكم الهو فنظر في الأعيان الثابتة فلم يرعينا يعطي النظر إليها هذه الرتبة الأنانة إلا عين الإنسان الكامل فقدرها عليه و قابلها به فوافقت إلا حقيقة واحدة نقصت عنه و هي وجودها لنفسها فأوجدها لنفسها فتطابقت

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 642
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست