responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 612



و تجلس بين أفخاذ العذارى و تكشف ما خفي تحت الوشاح
إذا ماتت تجارح والداها فترجع حية عند الجراح
يريد بالوالدين الزناد فهذا هو الرمز في النار و قال الآخر في العين فأحسن

و طائرة تطير بلا جناح تفوق الطائرين و ما تطير
إذا ما مسها الحجر استكنت و تنكر أن يلامسها الحرير
يريد بالحجر الإثمد

[الظن لا يغني من الحق شيئا]

و اعلم أنه من أقام في نفسه معبودا يعبده على الظن لا على القطع خانه ذلك الظن و ما أغنى عنه من اللّٰه شيئا قال تعالى إِنَّ الظَّنَّ لاٰ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً و قال في عبادتهم إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَ مٰا تَهْوَى الْأَنْفُسُ فما نسب إليهم قط أنهم عبدوا غير اللّٰه إلا على طريق الظن لا على جهة العلم فإن ذلك في نفس الأمر ليس بعلم فمن هنا تعلم أن العلم سبب النجاة و إن شقي في الطريق فالمال إلى النجاة فما أشرف مرتبة العلم و لهذا لم يأمر اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يطلب من اللّٰه تعالى الزيادة من شيء إلا من العلم فقال له وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فمن فهم ما أشرنا إليه علم أهل السعادة من أهل الشقاء و لم تؤثر فيه الأمور العرضية التي توجب الشقاء في الطريق فلو علم المشرك ما يستحقه الحق من نعوت الجلال لعلم أنه لا يستحق أن يشرك به و لو علم المشرك أن الذي جعله شريكا لا يستحق أن يوصف بالشركة لله في الوهته لما أشرك فما أخذ إلا بالجهل من الطرفين قال تعالى فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ الْجٰاهِلِينَ و قال إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجٰاهِلِينَ فلو اقتصر المشرك على الشركة في الفعل لا في الألوهة لكان في الأمر سعة فإن إضافة الأفعال إلى المخلوقين فيه إشكال و يعذر صاحبه فيمن هو ذو فعل فإذا أضافوا الأفعال إلى من يعلمون أنه ليس بفاعل فبالجهل أخذوا و به وقع التوبيخ فقيل لهم أَ تَعْبُدُونَ مٰا تَنْحِتُونَ و قال في حق ذي فعل وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ مٰا هَدىٰ فنسب الإضلال لفرعون و ما نسبه إلى قومه فإنه عندهم ذو فعل و في نفس الأمر كذلك و قوله وَ مٰا هَدىٰ أي ما بين لهم طريق الحق فإنه موضع لبس لكونه ذا أفعال فلو كان المعبود جمادا ما وقع اللبس فإن قيل فإن اتخذوا إلها من له فعل بالخاصية من جماد و نبات أ يعذرون قلنا لا يعذرون فإن خاصيته لا تكون سارية في كل شيء حتى تضاف إليه الأفعال كما تضاف إلى اللّٰه و بهذا القدر من الجهل أخذوا عبدة المخلوقين ذوي الأفعال كفرعون و غيره فإن القدرة التي له لا تزيد على قدرة العابد إياه فهي قاصرة عن سريانها في جميع الأفعال فإن القدرة الحادثة لا تخلق المتحيزات من أعيان الجواهر و الأجسام فعبدوا من لم يخلق أعيانهم و لهذا وبخهم بقوله تعالى أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاٰ يَخْلُقُ أَ فَلاٰ تَذَكَّرُونَ فإن قيل فإن أقدر أحد على جهة خرق العادة على خلق جوهر فعبده أحد لذلك هل يعذر أم لا قلنا لا بعذر فإنه يشهد أنه يقبل الحوادث و لا يخلو عنها و ما لا يخلو عن الحوادث يستحيل أن يتقدمها على الجملة و إذا لم يتقدم الحوادث على الجملة كان حادثا مثلها و من شأن الإله أن يكون أقدم من كل ما يحدث على الجملة فلا بد أن يكون الحادث متأخرا عنه بأي نسبة كان من نسب التأخر فلما فاته هذا القدر من العلم و كان جاهلا به لم يعذر و أخذ بذلك و أصله إنما كان الجهل بذلك فمن استند إلى معبود موضوع فإنما استند إليه بظنه لا بعلمه فلذلك أخذ به فشقي إلا أن يعطي المجهود من نفسه في نفي الشريك فلم يعط فكره و لا نظره و لا اجتهاده نفيه جملة واحدة و لم يبعث إليه رسول و لم تصل إليه دعوته فإن جماعة من أهل النظر قالوا بعذر من هذه حالته و هو مأجور في نفس الأمر مع أنه مخطئ و ليس بصاحب ظن بل هو قاطع لا عالم و القطع على الشيء لا يلزم أن يكون عن علم و ربما يستروح من قول اللّٰه تعالى وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ إن اللّٰه يعذره و لا شك أن المجتهد الذي أخطأ في اجتهاده في الأصول يقطع أنه على برهان فيما أداه إليه نظره و إن كان ليس ببرهان في نفس الأمر فقد يعذره اللّٰه تعالى لقطعه بذلك عن اجتهاده كما قطع الصاحب أنه رأى دحية و كان المرئي جبريل فهذا قاطع على غير علم فاجتهد فأخطأ فإنه غير ذاكر لما نقصه من التقسيم فإنه لو قال إن لم يكن روحا تجسد و إلا فهو دحية بلا شك فتدبر ما قررناه في مثل هذا

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم يقول في المجتهد إذا اجتهد فأصاب فله أجران و إن أخطأ فله أجر و لم يفصل بين الاجتهاد في الأصول و الفروع و قال

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 612
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست