responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 57

جميع الوجوه إذا فلا تعقل الأسماء إلا بأن تعقل النسب و لا تعقل النسب إلا بأن تعقل المظاهر المعبر عنها بالعالم فالنسب على هذا تحدث بحدوث المظاهر لأن المظاهر من حيث هي أعيان لا تحدث و من حيث هي مظاهر هي حادثة فالنسب حادثة فالأسماء تابعة لها و لا وجود لها مع كونها معقولة الحكم

[الواحد الأحد هو أول الأسماء]

فإذا ثبت هذا فالقائل ما بدء الأسماء هو القائل ما بدء النسب و النسبة أمر معقول غير موجود بين اثنين فأما إن نتكلم فيها من حيث نسبتها إلى الأول أو من حيث ما دل الأثر عليها فإن نظرنا فيها من حيث المسمى بها لا من حيث دلالة أثرها كان قوله ما بدء الأسماء معناه ما أول الأسماء فلنقل أول الأسماء الواحد الأحد و هو اسم واحد مركب تركيب بعلبك و رامهرمز و الرحمن الرحيم لا نريد بذلك اسمين و إنما كان الواحد الأحد أول الأسماء لأن الاسم موضوع للدلالة و هي العلمية الدالة على عين الذات لا من حيث نسبة ما يوصف بها كالاسماء الجوامد للأشياء و ليس أخص في العلمية من الواحد الأحد لأنه اسم ذاتي له يعطيه هذا اللفظ بحكم المطابقة

[اللّٰه اسم للمرتبة لا للذات]

فإن قلت فالله أولى بالأولية من الواحد الأحد لأن اللّٰه ينعت بالواحد الواحد و لا ينعت بالله قلنا مدلول اللّٰه يطلب العالم بجميع ما فيه فهو له كاسم الملك أو السلطان فهو اسم للمرتبة لا للذات و الأحد اسم ذاتي لا يتوهم معه دلالة على غير العين فلهذا لم يصح أن يكون اللّٰه أول الأسماء فلم يبق إلا الواحد حيث لا يعقل منه إلا العين من غير تركيب و لو تسمى بالشيء لسميناه الشيء و كان أول الأسماء لكنه لم يرد في الأسماء الإلهية يا شيء و لا فرق بين مدلول الواحد و الشيء فإنه دليل على ذات غير مركبة إذ لو كانت مركبة لم يصح اسم الواحد و لا الشيء عليه حقيقة فلا مثل له و لا شبه يتميز عنه شخصيته فهو الواحد الأحد في ذاته لذاته

[الأعيان الثابتة و نسبتها إلى أول الأسماء]

و مع هذا فقد قررنا إن الأسماء عبارة عن نسب فما نسبة هذا الاسم الأول و لا أثر له منه يطلبه قلنا أما النسبة التي أوجبت له هذا الاسم فمعلومة و ذلك أن في مقابلة وجوده أعيانا ثابتة لا وجود لها إلا بطريق الاستفادة من وجود الحق فتكون مظاهره في ذلك الاتصاف بالوجود و هي أعيان لذاتها ما هي أعيان لموجب و لا لعلة كما إن وجود الحق لذاته لا لعلة و كما هو الغني لله تعالى على الإطلاق فالفقر لهذه الأعيان على الإطلاق إلى هذا الغني الواجب الغني بذاته لذاته و هذه الأعيان و إن كانت بهذه المثابة فمنها أمثال و غير أمثال متميزة بأمر و غير متميزة بأمر يقع فيه الاشتراك فلا يصح على كل عين منها اسم الواحد الأحد لوجود الاشتراك و المثلية فلهذا سمينا هذه الذات الغنية على الإطلاق بالواحد الأحد لأنه لا موجود إلا هي فهي عين الوجود في نفسها و في مظاهرها و هذه نسبة لا عن أثر إذ لا أثر لها في كون الأعيان الممكنات أعيانا و لا في إمكانها

[الوهاب هو أول اسم ظهر أثره في الأعيان الثابتة]

و أما إذا كان قوله ما بدء الأسماء بمعنى ما تبتدئ به الأسماء من الآثار في هذه الأعيان فيطلب هذا السؤال أمرين الأمر الواحد ما يبتدئ به في كل عين عين و الأمر الآخر ما يبتدئ به على الإطلاق في الجملة و معناه ما أول اسم يطلب أن يظهر أثره في هذه الأعيان فاعلم إن ذلك الاسم هو الوهاب خاصة في الجملة و في عين عين لا فرق و هو اسم أحدثته الهبات لهذه الأعيان من حيث فقرها فلما انطلق عليها اسم مظهر و قد كانت عرية عن هذا الاسم و لم يجب على الغني أن يجعلها مظاهر له طلبت هذه النسبة الاسم الوهاب و لهذا لا نجعله تعالى علة لشيء لأن العلة تطلب معلولها كما يطلب المعلول علته و الغني لا يتصف بالطلب إذا فلا يصح أن يكون علة و الوهب ليس كذلك فإنه امتنان على الموهوب له و إن كان الوهب له ذاتيا فإنه لا يقدح في غناه عن كل شيء و الذي يبتدئ به من الوهب إعطاء الوجود لكل عين حتى وصفها بما لا تقضيه عينها فأول ما يبتدئ به من الأعيان ما هو أقرب مناسبة للأسماء التي تطلب التنزيه ثم بعد ذلك يظهر سلطان الأسماء التي تطلب التشبيه فالأسماء التي تطلب التنزيه هي الأسماء التي تطلب الذات لذاتها و الأسماء التي تطلب التشبيه هي الأسماء التي تطلب الذات لكونها إلها فأسماء التنزيه كالغني و الأحد و ما يصح أن ينفرد به و أسماء التشبيه كالرحيم و الغفور و كل ما يمكن أن يتصف به العبد حقيقة من حيث ما هو مظهر لا من حيث عينه لأنه لو اتصف به من حيث عينه لكان له الغني و لا غنى له أصلا

[الأعيان التي هي المظاهر لا يزول عنها اسم الفقر]

فإذا اتصفت هذه الأعيان التي هي المظاهر بمثل الغني و تسمت بالغنى فيكون معنى ذلك الغني بالله عن غيرها من الأعيان لا إن العين غني بذاته و كذا كل اسم تنزيه فلها هذه الأسماء من حيث ما هي مظاهر فإن كان المسمى لسان الظاهر فيها فهو كونه إلها فهو أقرب نسبة إلى الذات من لسان المظهر إذا تسمى بالغني فالمظهر لا يزول عنه اسم

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست