responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 551

سلطان قوي و ليس يزيل حكمه من المشروبات إلا الخمر فلا يقف لقوة سلطانه عقل و لا وهم و أعظم قوة من هاتين في الإنسان ما يكون أ لا ترى إلى السكران يلقي نفسه في المهالك التي يقضي العقل و الوهم باجتنابها فحكم العلم المشبه به في العلوم حكمه فلو أبيح في هذه الشريعة مع ما أعطى اللّٰه هذه الأمة من الكشف و الفتوح و الإمداد في العلوم و ثبوت القدم فيها لظهرت أسرار الحق على ما هي عليه و بطلت أشياء كثيرة كان الشرع من علم اللبن قد قررها فهذا التجلي في صورة الخمر لا يحصل في الدنيا إلا للامناء فيلتذون به في بواطنهم و لا يظهر عليهم حكمه و هو ما أشار إليه سهل بن عبد اللّٰه التستري بقوله إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت النبوة و إن للنبوة سرا لو ظهر لبطل العلم و إن للعلم سرا لو ظهر لبطلت الأحكام فلو وقع التجلي في صورة الخمر و ظهر هذا العلم في العموم و لم يكن الإنسان في طبعه و مزاجه على مزاج أهل الجنة لظهرت الأسرار بإظهاره إياها في العالم فادى ظهورها إلى فساد لقوة سلطانه في الالتذاذ و الابتهاج و الفرح و مغيب حكم العقول عن شاربه و لهذا ضرب اللّٰه مثلا فيمن حصل له هذا التجلي في الدنيا و لم يظهر عليه حكمه مثل الأنبياء و أكابر الأولياء كالخضر و المقربين من عباده فخلق بعض الأجسام البشرية هنا على مزاج لا يقبل السكر ليعلم أن ثم لله عبادا حصل لهم هذا التجلي الإلهي في صورة الخمر و هم على استعداد يعطي الكتمان و عدم الإفشاء

[المعاني المجردة عن الخطاب فهو عن تجل]

و اعلم أن من أعطاه اللّٰه المعاني مجردة عن الخطاب أو النصوص في الخطاب فهو عن تجليه في صورة الماء غير الآسن و هو العلم الإلهي الذي لا تعلق له بالطبيعة و من إعطاء اللّٰه العلم بأسرار الشرع و أحكامه و علم حكمة قوله وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ بِلِسٰانِ قَوْمِهِ و عرف ميزان الأحكام بعلم الأوقات و الأحوال فيحرم في شرع ما يحلل في غيره فذلك من علم تجليه في صورة اللبن أعني الحليب منه الذي لم يتغير طعمه بعقده أو مخضه أو تربيبه و من أعطاه اللّٰه العلم بالكمال و الأحوال و الجمال فإنه عن تجلى العلم في صورة الخمر و من أعطاه اللّٰه العلم بطريق الوحي و الايمان و صفاء الإلهام و عم علمه كل شيء مما يصح أن يعلم حتى يعلم أنه ما لا يصح أن يعلم لا يعلم فلذلك العلم عن التجلي في صورة العسل فإذا كان شربه شيئا من هذه المشروبات أو كلها كان محصلا لما شرب

كالنبي الذي قال فعلمت علم الأولين و الآخرين و لم يذكر أنه اختص به فلما لم يذكر الاختصاص أبقى الباب غير مغلق لمن أراد الدخول منه إلى نيل هذا المقام فالواجب على كل عاقل أن يتعرض لنفحات الجود الإلهي

فإن لله نفحات فتعرضوا لها وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الخمسون و مائتان في الري»



الري قال به قوم و ليس لهم علم بأن وجود الري معدوم
لو كان رى تناهي الأمر و انقطعت أمداده و زيادات و تعليم
فالأمر ليس له حد يحيط به لكنه الرزق في الأشخاص مقسوم

[الري عبارة عن الاكتفاء به و يضيق المحل عن الزيادة منه]

الري ما يحصل به الاكتفاء و يضيق المحل عن الزيادة منه اعلم أنه لا يقول بالري إلا من يقول بأن ثم نهاية و غاية وهم المكشوف لهم عالم الحياة الدنيا و نهاية مدتها و هم أهل الكشف في اللوح المحفوظ المعتكفون على النظر فيه أو من كان كشفه في نظرته ما هو الوجود عليه ثم يسدل الحجاب دونه و يرى التناهي إذ كل ما دخل في الوجود متناه و ليس لصاحب هذا الكشف من الكشف الأخروي شيء فمن رأى الغاية قال بالري و علق همته بالغاية و هؤلاء هم الذين قال فيهم شيخنا أبو مدين إنه من رجال اللّٰه من يحن في نهايته إلى البداية و ذلك لأن اللّٰه ما كشف لهم عن حقيقة الأمر على ما هو عليه كالقائلين برجوع الشمس في طول النهار و ما هو رجوع في نفس الأمر و القائلون بالري هم القائلون بالدور لما يرونه من تكرار أيام الجمعة و الشهور و الذين لا يقولون بالري هم الذين يسمون النهار و الليل الجديدين و ليس عندهم تكرار جملة واحدة فالأمر له بدء و ليس له غاية لكن فيه غايات بحسب ما تتعلق به همم بعض العارفين فيوصلهم اللّٰه إلى غاياتهم و من هناك يقع لهم التجديد فيه لا عليه فيفوتهم خير كثير من الحكم و علم كبير في الإلهيات بل يفوتهم من علم الطبيعة خير كثير فإن تركيبها لا نهاية له في الدنيا و الآخرة و يحجبهم عن عدم الري قوله تعالى وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فسماه رجوعا و ذلك لكونه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 551
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست