responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 51

اختيار منه فيصح أن يقال في السيد إنه ملك الملك لأنه أجاب أمر عبده و عبده ملك له

[ملك الملك]

و من أمر فأجاب فقد صح عليه اسم المأمور و هو معنى الملك فإذا أجاب السيد أمر عبده و هو ملك فبإجابته صير نفسه ملك ملكه و هذا غاية النزول الإلهي لعبده إذ قال له ادعوني أستجب لك : فيقول له العبد اغفر لي ارحمني انصرني أجبرني فيفعل و يقول اللّٰه له ادعني أقم الصلاة ائت الزكاة اِصْبِرُوا ... رٰابِطُوا ... جٰاهِدُوا فيطيع و يعصي و أما الحق سبحانه فيجيب عبده لما دعاه إليه بشرط تفرغه لدعائه

[أثر المؤثر قد يكون فعلا من غير أمر]

و قد يكون أثر المؤثر فعلا من غير أمر كالعبد يعصي فيثير كونه عاصيا غضبا في نفس السيد فيوقع به العقوبة فقد جعل العبد سيده يعاقبه بمعصيته و لو لم يعصه ما ظهر من السيد ما ظهر أو يغفر له و كذلك في الطاعة يثيبه فيكون من هذه النسبة أيضا ملك الملك أي ملكا لمن هو ملكه و بهذا وردت الشرائع كلها

[مجالس الملك لا تنحصر]

و أما قوله كم مجالسه فإنها لا تنحصر عقلا فإنها حالة دوام من سيد لعبد و من عبد إلى سيد فسؤاله لا يخلو إما أن يريد ما قلنا من أنها لا تنحصر عقلا فإن أجاب بانحصار في كمية معلومة علم أنه لا علم عنده أو يريد مجالسه من حيث ما شرع فهي مجالس في الدنيا محصورة و في الآخرة غير محصورة لأن الآثار الواقعة في الآخرة كلها أصلها من الشرائع فلا ينفك حكم الشرع في الدنيا و الآخرة فإن الخلود في الدارين من حكم الشرع و ما يكون من الحق فيهم من حكم الشرع فإذا مجالس ملك الملك من جهة الشرع لا تنحصر فإن أراد السائل عن هذا حالة الدنيا خاصة فعددها عدد أنفاس الخلائق عقلا و إن أراد ما اقترن به الأمر من العبد خاصة فعلى قدر ما دعا العبد ربه من حيث ما أمره أن يدعوه به و هي من كل داع بحسب ما سبق في علم اللّٰه من تكليفه لكل عين عبد أن يدعوه و خلق اللّٰه الذين هم بهذه المثابة يفوتون التلفظ باسم العدد الذي يحصرهم فإنه يدخل في ذلك الملائكة و الجن و الإنس فحصر كمياتها ما دام زمان الدنيا إلى أن ينقضي في حق الملك و الجن و الإنس محصور الكمية غير متصور التلفظ به لأنه قال وَ مٰا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّٰ هُوَ و هم من الملك الذي يدعو ربه فيصيره بدعائه ملكا له فكمياتها و إن كانت محصورة فهي غير معلومة و إن علمت فهي غير مقدورة للتلفظ بها لما في ذلك من المشقة و لكن من وقف على ما رقم في اللوح المحفوظ عرف كمياتها بلا شك و إن تعذر النطق بها فمن كل وجه لا يتصور الجواب عنها بأكثر من هذا و إنما جعله الترمذي على سبيل الامتحان فإنه جاء بمسائل لا يصح الجواب عنها ليعلم أن المسئول إذا أجاب عنها أنه مبطل في دعواه علم ذلك إذ لو علم ذلك لكان من علمه به أنه مما لا يجاب عنه فيعلم صدق دعواه و سيأتي من ذلك ما تقف عليه في هذه السؤالات إن شاء اللّٰه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(السؤال السابع عشر)بأي شيء حظ كل رسول من ربه

الجواب عن هذا لا يتصور لأن كلام أهل طريق اللّٰه عن ذوق و لا ذوق لأحد في نصيب كل رسول من اللّٰه لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل و أذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء و أذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء فبعض الرسل عنده الأذواق الثلاثة لأنه ولي و نبي و رسول قال الخضر لموسى مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً و الخبر الذوق و

قال له أنا على علم علمنيه اللّٰه لا تعلمه أنت و أنت على علم علمكه اللّٰه لا أعلمه أنا هذا هو الذوق

[ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع]

حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين فسأل بعضهم بعضا من أي مقام سأل موسى الرؤية فقال له الآخر من مقام الشوق فقلت له لا تفعل أصل الطريق أن نهايات الأولياء بدايات الأنبياء فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع فلا ذوق لهم فيه و من أصولنا إنا لا نتكلم إلا عن ذوق و نحن لسنا برسل و لا أنبياء شريعة فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه نعم لو سألها ولي أمكنك الجواب فإن في الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق و قد علمنا من باب الذوق أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع فالتحق وجوده بالمحال العقلي لأن الذات لا تقتضي إلا هذا الترتيب الخاص أو سبق العلم كيف شئت فقل

[السبب العام الذي عين المراتب العلية لأربابها]

فإن أراد السؤال عن السبب الذي اقتضى لذلك الرسول هذا الحظ الذي انفرد به فقد قال صاحب المحاسن ليس بينه و بين عباده نسب إلا العنابة و لا سبب إلا الحكم و لا وقت غير الأزل و ما بقي فعمى و تلبيس و اعلم أن السبب العام الذي عين المراتب العلية لأربابها إنما هو العناية الإلهية و هو قوله تعالى وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ و أما السبب الخاص لهذا الرسول للحظ الخاص الذي له من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست