responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 50

و مكارم الأخلاق عند من يتخلق بها معه عبارة عن موافقة غرضه سواء حمد ذلك عند غيره أو ذم فلما لم يتمكن في الوجود تعميم موافقة العالم بالجميل الذي هو عنده جميل نظر في ذلك نظر الحكيم الذي يفعل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي فنظر في الموجودات فلم يجد صاحبا مثل الحق و لا صحبة أحسن من صحبته و رأى أن السعادة في معاملته و موافقة إرادته فنظر فيما حده و شرعه فوقف عنده و اتبعه و كان من جملة ما شرعه أن علمه كيف يعاشر ما سوى اللّٰه من ملك مطهر و رسول مكرم و إمام جعل اللّٰه أمور الخلق بيده من خليفة إلى عريف و صاحب و صاحبة و قرابة و ولد و خادم و داية و حيوان و نبات و جماد في ذات و عرض و ملك إذا كان ممن يملك فراعى جميع من ذكرناه بمراعاة الصاحب الحق فما صرف الأخلاق إلا مع سيده فلما كان بهذه المثابة قيل فيه مثل ما قيل في رسوله وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ

قالت عائشة كان القرآن خلقه يحمد ما حمد اللّٰه و يذم ما ذم اللّٰه بلسان حق فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ فلما طابت أعراقه و عم العالم أخلاقه و وصلت إلى جميع الآفاق أرفاقه استحق أن يختم بمن هذه صفته الولاية المحمدية من قوله وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ جعلنا اللّٰه ممن مهد له سبيل هداه و و فقه للمشي عليه و هداه

(السؤال الخامس عشر)فإن قلت ما سبب الخاتم و معناه

فلنقل في الجواب كمال المقام سببه و المنع و الحجر معناه و ذلك أن الدنيا لما كان لها بدء و نهاية و هو ختمها قضى اللّٰه سبحانه أن يكون جميع ما فيها بحسب نعتها له بدء و ختام و كان من جملة ما فيها تنزيل الشرائع فختم اللّٰه هذا التنزيل بشرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فكان خٰاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كٰانَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً و كان من جملة ما فيها الولاية العامة و لها بدء من آدم فختمها اللّٰه بعيسى فكان الختم يضاهي البدء إِنَّ مَثَلَ عِيسىٰ عِنْدَ اللّٰهِ كَمَثَلِ آدَمَ فختم بمثل ما به بدأ فكان البدء لهذا الأمر بنبي مطلق و ختم به أيضا

[من خصائص الدعوة المحمدية]

و لما كانت أحكام محمد صلى اللّٰه عليه و سلم عند اللّٰه تخالف أحكام سائر الأنبياء و الرسل في البعث العام و تحليل الغنائم و طهارة الأرض و اتخاذها مسجدا و أوتي جوامع الكلم و نصر بالمعنى و هو الرعب و أوتي مفاتيح خزائن الأرض و ختمت به النبوة عاد حكم كل نبي بعده حكم ولي فأنزل في الدنيا من مقام اختصاصه و استحق أن يكون لولايته الخاصة ختم يواطئ اسمه اسمه صلى اللّٰه عليه و سلم و يحوز خلقه و ما هو بالمهدي المسمى المعروف المنتظر فإن ذلك من سلالته و عترته و الختم ليس من سلالته الحسية و لكنه من سلالة أعراقه و أخلاقه صلى اللّٰه عليه و سلم أما سمعت اللّٰه يقول فيما أشرنا إليه وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ و جميع أنواع المخلوقات في الدنيا أمم و قال كُلٌّ يَجْرِي إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى في أثر قوله يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهٰارِ وَ يُولِجُ النَّهٰارَ فِي اللَّيْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فجعل لها ختاما و هو انتهاء مدة الأجل وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما من نوع إلا و هو أمة فافهم ما بيناه لك فإنه من أسرار العالم المخزونة التي لا تعرف إلا من طريق الكشف و اللّٰه يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلىٰ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ

(السؤال السادس عشر)كم مجالس ملك الملك

الجواب على عدد الحقائق الملكية و النارية و الإنسانية و استحقاقاتها الداعية لإجابة الحق فيما سألته منه بسط ذلك اعلم أولا أنه لا بد من معرفة ملك الملك ما أرادوا به ثم بعد هذا تعرف كمية مجالسه إن كان لها كمية محصورة فالملك هو الذي يقضي فيه مالكه و مليكه بما شاء و لا يمتنع عنه جبرا فيسمى كرها أو اختيارا فيسمى طوعا قال تعالى وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً فَقٰالَ لَهٰا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً و المأمور هو الملك و الآمر هو المالك و لا بد من أخذ الإرادة في حد الأمر لأنه اقتضاء و طلب من الآمر بالمأمور سواء كان المأمور دونه أو مثله أو أعلى و فرق الناس بين أمر الدون و بين أمر الأعلى فسموا أمر الدون إذا أمر الأعلى طلبا و سؤالا مثل قوله تعالى اِهْدِنَا فلا يشك إنه أمر من العبد لله فسمي دعاء

[النسبة بين المأمور و الآمر]

و إذا فهمت هذا و علمت أن المأمور هو بالنسبة إلى الآمر ملكا و الآمر مليك ثم رأيت المأمور و قد امتثل أمر آمره و أجابه فيما سأل منه أو اعترف بأنه يجيبه إذا دعاه لما يدعوه إليه إن كان المدعو أعلى منه فقد صير نفسه هذا الأعلى ملكا لهذا الدون و هذا الدون هو تحت حكم هذا الأعلى و حيطته و قهره و قدرته و أمره فهو ملكه بلا شك و قد قررنا أن الدون الذي هو بهذه المثابة قد يأمر سيده فيجيبه السيد لأمره فيصير بتلك الإجابة ملكا له و إن كان عن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست