responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 485

من حيث صورها فإنه لا يتمكن لهم ذلك فإنهم في خلوتهم لا بد أن يشاهدوا صور ما تخلوا فيه من جدار و باب و سقف و آلات قام بيت الخلوة منها و وطاء و غطاء و مأكول و مشروب فالصور لا يتمكن له التخلي عنها فلم يبق الهرب إلا مما يطرأ من هذه الصور من الكلام المفهوم لا من الأفعال لأن صاحب الخلوة لو كانت معه الحيوانات لم يزل في خلوة و لا يشغله عن مطلوبه إلا أن يخاف من ضررها كذلك أيضا لو كان في الجدار ميل لخاف من تهدمه و سقوطه عليه فإذا ما اختار التخلي إلا لأجل الكلام الذي تتكلم الناس به فلو فهم ما يتكلم الناس به على الوجه الذي وضعه الحق فيهم لزاد علما بما لم يكن عنده و لو صلى صلاة واحدة أعني ركعة واحدة لما طلب التخلي فإنه إذا سمع قول العبد سمع اللّٰه لمن حمده و إن ذلك القول لله لسرت الحقيقة في جميع ما يسمع فكلام الناس كله يفيد العارفين علما بالله و لهذا من كرامات الصالحين أن يسمعهم اللّٰه نطق الأشياء فلو لم يفدهم ذلك علما لم يكن ذلك إكراما من اللّٰه بهم فمن رزق الفهم عن اللّٰه استوت عنده الخلوة و الجلوة بل ربما تكون الجلوة أتم في حقه و أعظم فائدة فإنه في كل لحظة يزيد علوما بالله لم تكن عنده >«بسم اللّٰه الرحمن الرحيم»<

«الباب السادس و مائتان في حال التجلي بالجيم»



للغيب نور على البصائر يظهر ما كان في السرائر
لكل قلب من كل شخص أحضره الحق في المحاضر
فشاهد الأمر كيف يجري و عاين الحكم في المقادر
فعنده أول و ظاهر و عندنا باطن و آخر
قسمه كالصلاة فينا عينا لعين فاشكر و بادر
ما بين عبد حبيس عجز و بين رب عليه قادر
بفضله قد سرى إلينا ما يحمد اللّٰه في الضمائر

[التجلي ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب]

اعلم أن التجلي عند القوم ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب و هو على مقامات مختلفة فمنها ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد من المعارف و الأسرار و منها ما يتعلق بأنوار الأنوار و منها ما يتعلق بأنوار الأرواح و هم الملائكة و منها ما يتعلق بأنوار الرياح و منها ما يتعلق بأنوار الطبيعة و منها ما يتعلق بأنوار الأسماء و منها ما يتعلق بأنوار المولدات و الأمهات و العلل و الأسباب على مراتبها فكل نور من هذه الأنوار إذا طلع من أفق و وافق عين البصيرة سالما من العمي و الغشي و الصدع و الرمد و آفات الأعين كشف بكل نور ما انبسط عليه فعاين ذوات المعاني على ما هي عليه في أنفسها و عاين ارتباطها بصور الألفاظ و الكلمات الدالة عليها و أعطته بمشاهدته إياها ما هي عليه من الحقائق في نفس الأمر من غير تخيل و لا تلبيس فمنها أنوار نسعى بها و منها أنوار نسعى إليها و منها أنوار نسعى منها و منها أنوار تسعى بين أيدينا و منها أنوار تكون خلفنا يسعى بها من يقتدي بنا و منها أنوار تكون عن إيماننا تؤيدنا و منها أنوار تكون عن شمائلنا تقينا و منها أنوار تكون فوقنا تنزل علينا لتفيدنا و منها أنوار تكون تحتنا نملكها بالتصرف فيها و منها أنوار نكونها هي أبشارنا و في أبشارنا و أشعارنا و في أشعارنا و هي غاية الأمر فأما أنوار المعاني المجردة عن المواد فكل علم لا يتعلق بجسم و لا جسماني و لا متخيل و لا بصورة و لا نعلمه من حيث تصوره بل نعقله على ما هو عليه و لكن بما نحن عليه و لا يكون ذلك إلا حتى أكون نورا فما لم أكن بهذه المثابة فلا أدرك من هذا العلم شيئا و هو قوله

في دعائه صلى اللّٰه عليه و سلم و اجعلني نورا و اللّٰه يقول اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ فما أنارت إلا به كما قال وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهٰا يعني أرض المحشر يقول ما ثم شمس و عدم النور ظلمة و لا بد من الشهود فلا بد من النور و هو يوم يأتي فيه اللّٰه للفصل و القضاء فلا يأتي إلا في اسمه النور فتشرق الأرض بنور ربها و تعلم كل نفس بذلك النور مٰا قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ لا بها تجده محضرا يكشفه لها

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست