responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 423

الفكر و التفكر فإذا انفرد بذلك في نفسه كان له حكم و إذا دبر مع غيره كان له حكم يقال له في عالم الإنسان المشاورة يقول تعالى لنبيه ص آمرا وَ شٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فحكم التدبير الذي يدبر به ولايته على أقسام سواء انفرد بالتدبير أو طلب المشاركة بحكم المشورة و السبب الموجب للمشورة كون الحق له وجه خاص في كل موجود لا يكون لغير ذلك الموجود فقد يلقى إليه الحق سبحانه في أمر ما ما لا يلقيه لمن هو أعلى منه طبقة كعلم الأسماء لآدم مع كون الملإ الأعلى عند اللّٰه أشرف منه و مع هذا فكان عند آدم ما لم يكن عندهم و قد ذكرنا في هذا الكتاب دليل تفضيل الملإ الأعلى من الملائكة على أعلى البشر أعطاني ذلك الدليل رسول اللّٰه ص في رؤيا رأيتها و قبل تلك الرؤيا ما كنت أذهب في ذلك إلى مذهب جملة واحدة و إذا كان هذا فقد ينفرد في أمور نصبها في العالم بما هو مدبر و مفصل لا عن فكر فإنه ليس من أهل الأفكار و قد يشاركه في تدبيره عقل آخر مثل النفس الكلية التي أذكرها في الفصل الذي يلي هذا إن شاء اللّٰه فمثل هذا هو حظ المشورة في عالم الخلق و سبب ذلك توفية الألوهة ما تستحقه لما علم أن لله تعالى في كل موجود وجها خاصا يلقى إليه منه ما يشاء مما لا يكون لغيره من الوجوه و من ذلك الوجه يفتقر كل موجود إليه و إن كان عن سبب فإن قلت فقد أعلمه اللّٰه علمه في خلقه حين قال له اكتب علمي في خلقي إلى يوم القيامة قلنا الجواب على هذا من وجهين الوجه الواحد و إن علم ما يكون فمن جملة ما أعلمه به من الكون مشورته و مشاركة غيره له في تدبيره كما نعلم أن اللّٰه يعلم ما يكون من خلقه و لكنه قال وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ و أعلم من اللّٰه فلا يكون و قد جاء مثل هذا في حق اللّٰه و الوجه الآخر في الجواب و هو إنا قد علمنا إن لله في كل كائن وجها يخصه و ذلك الوجه الإلهي لا يتصف بالخلق و قال للقلم اكتب علمي في خلقي و ما قال له اكتب علمي في الوجه الذي مني لكل مخلوق على انفراده فهو سبحانه يعطي بسبب و هو الذي كتبه القلم من علم اللّٰه في خلقه و يعطي بغير سبب و هو ما يعطيه من ذلك الوجه فلا تعرف به الأسباب و لا الخلق فوقعت المشورة ليظهر عنها أمر يمكن أن يكون من علم ذلك الوجه فيلقي إليه من شاوره في تدبيره علما قد حصل له من اللّٰه من حيث ذلك الوجه الذي لم يكتب علمه و لا حصل في خلقه و لهذا قال اللّٰه لرسوله فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ يعني على إمضاء ما اتفقتم عليه في المشورة أو ما انفردت به دونهم و قوله فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ في مثل هذا ما لم يقع الفعل فإن العزم يتقدم الفعل فقيل له توكل على اللّٰه فإنه ما يدرى ما لم يقع الفعل ما يلقي اللّٰه في نفسك من ذلك الوجه الخاص الإلهي الخارج عن الخلق و هو الأمر الإلهي فإن له الخلق و الأمر فما كان من ذلك الوجه فهو الأمر و ما كان من غير ذلك الوجه فهو الخلق و كذلك جرى الأمر في حركات الكواكب فيعطي كل كوكب في الدرجة الفلكية على انفراده من الحكم ما لا يعطيه إذا اجتمع معه في تلك الدرجة كوكب آخر أو أكثر فاجتماعهم بمنزلة المشورة و عدم اجتماعهم بمنزلة ما ينفرد به فيكون عن الاجتماع ما لا يكون عن الانفراد ف‌ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا مما تنفرد به و مما لا تنفرد به فذلك ما يحدث من الاجتماع فإنه خارج عن الأمر الذي تنفرد به كل سماء ثم في الاجتماعات أحوال مختلفة فيكون ما يحدث بحسب اختلاف الأحوال و الأحوال هنالك في القرانات كالأغراض عندنا فكل يقول بحسب غرضه و نظره قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلىٰ شٰاكِلَتِهِ ثم ينزل الأمر إلى النفس الإنساني فيكون حكم الحرف الواحد خلاف حكمه إذا اجتمع مع غيره فالقاف في ق مفرد يدل على الأمر بالوقاية فإذا اجتمع مع لام جاء منه صورة تسمى قل فحدث للقاف أمر بالقول و أين هو من الأمر بالوقاية و كذلك لو اجتمع بحرف الميم ظهر من هذا الاجتماع صورة قم فحدث للقاف أمر بالقيام و هكذا ما زاد على حرف من حروف متصلة لإبراز كلمة أو منفصلة لإبراز كلمات فتحدث أمور لحدوث هذه الكلمات فيقول السيد لعبده قل فيحدث في العبد القول فيقول أو قم فيقوم فيظهر من المأمور حركة تسمى قياما عن ظهور صورة ذلك الاجتماع فهكذا تحدث الكائنات في النفس الرحماني فتظهر أعيان الكلمات و هو المعبر عنها بالعالم فالكلمة ظهورها في النفس الرحماني و الكون ظهورها في العماء فبما هو للنفس يسمى كلمة و أمر أو بما هو في العماء يسمى كونا و خلقا و ظهور عين فجاء بلفظة كن لأنها لفظة وجودية فنابت مناب جميع الأوامر الإلهية كما نابت الفاء و العين و اللام الذي هو فعل في الأوزان مناب جميع الأوزان

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 423
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست