responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 405

ضربين ضرب أوجده بوجود أسبابه مثل صنائع العالم كالتابوت للنجار و الحائط للبناء و جميع صنائع العالم و الكل صنعته تعالى و الإضافة إلى النجار و إن كان النجار ما استقل في عمل التابوت بيده فقط بل بآلات متعددة من الحديد و غير ذلك فهذه أسباب التجارة و ما أضيف عمل التابوت إلى شيء منها بل أضيف التابوت من كونه صنعة لصانعه و لم يصنع إلا بالآلة ثم ثم إضافة أخرى و هو إن كان النجار صنع في حق نفسه أضيف التابوت إليه لأنه ملكه و هو قوله وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ ف‌ لَهُ مُلْكُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ و إن كان الخشب لغيره فالتابوت من حيث صنعته يضاف إلى النجار و من حيث الملك يضاف للمالك لا إلى النجار فالنجار آلة للمالك و اللّٰه ما نفى إلا الشريك في الملك لا الشريك في الصنعة أَلاٰ لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبٰارَكَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ و أما الضرب الثاني فهو ما أوجده لا بسبب و هو إيجاده أعيان الأسباب الأول فإذا كبرت ربك عن الولي و الشريك فقيده في ذلك بما قيده الحق و لا تطلق فيفتك خير كثير و علم كبير و كذلك قوله و كبره أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً فإن الولد للوالد ليس بمتخذ لأنه لا عمل له فيه على الحقيقة و إنما وضع ماء في رحم صاحبته و تولى إيجاد عين الولد سبب آخر و المتخذ الولد إنما هو المتبني كزيد لما تبناه رسول اللّٰه ص فقال لنا وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً لأنه لو اتخذ وَلَداً لاَصْطَفىٰ مِمّٰا يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ فكان يتبنى ما شاء فما فعل فعل من لم يتخذ ولدا و قوله تعالى لَمْ يَلِدْ ذلك ولد الصلب فليس له تعالى ولد و لا تبنى أحدا فنفى عنه الولد من الجهتين لما ادعت طائفة من اليهود و النصارى أنهم أبناء اللّٰه و أرادوا التبني فإنهم عالمون بآبائهم و قالوا في المسيح إنه ابن اللّٰه إذ لم يعرفوا له أبا و لا تكون عن أب لجهلهم بما قال اللّٰه من تمثل الملك لمريم بَشَراً سَوِيًّا و جعله الحق تعالى روحا إذ كان جبريل روحا فما تكون عيسى إلا عن اثنين فجبريل وهب لها عيسى في النفخ فلم يشعروا لذلك كما ينفخ الروح في الصورة عند تسويتها فما عرفوا روح عيسى و لا صورته و إن صورة عيسى مثل تجسد الروح لأنه عن تمثل فلو تفطنت لخلق عيسى لرأيت علما عظيما تقصر عنه أفهام العقلاء فإذا كبرت ربك فكبره كما كبر نفسه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا و هم الذين يكبرونه عما لم يكبر نفسه

في قوله يفرح بتوبة عبده و يتبشبش إلى من جاء إلى بيته و يباهي ملائكته بأهل الموقف و يقول جعت فلم تطعمني فأنزل نفسه منزلة عبده فإن كبرته بأن تنزهه عن هذه المواطن فلم تكبره بتكبيرة بل أكذبته فهؤلاء هم الظالمون على الحقيقة فليس تكبيره إلا ما كبر به نفسه فقف عند حدك و لا تحكم على ربك بعقلك

(الفصل التاسع في الذكر بالتهليل)

هذا هو ذكر التوحيد بنفي ما سواه و ما هو ثم فإن لم يكن ثم و نفيت النفي فقد أثبت فإن اللّٰه تعالى يقول وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ فما عبد فيما عبد إلا اللّٰه

[ما المراد بالتوحيد]

و هذا التوحيد على ستة و ثلاثين أعني الواردة في القرآن من حيث ما هو كلام اللّٰه فمنه ما هو توحيد الواحد و لهذا يرى بعض العلماء الإلهيين إن اللّٰه هو الذي وحد الواحد و لو لا توحيده لم يكن ثم من يقال فيه إنه واحد فوحدانيته أظهرت الواحد و منه ما هو توحيد اللّٰه و هو توحيد الألوهية و منه ما هو توحيد الهوية و لنذكر هذا كله في هذا الفصل و ما له تعالى في هذا التهليل من الأسماء الإلهية و لا نزيد على ما ورد في القرآن من ذلك و هو ستة و ثلاثون موضعا و هي عشر درجات الفلك الذي جعل اللّٰه إيجاد الكائنات عند حركاته من أصناف الموجودات من عالم الأرواح و الأجسام و النور و الظلمة فهذه الستة و ثلاثون حق اللّٰه مما يكون في العالم من الموجودات فإنها مما تكون في عين التلفظ الإنساني بالقرآن فهو كالعشر فيما سقت السماء و هو المسمى الأعلى من قوله سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فالتهليل عشر الذكر و هو زكاته لأنه حق اللّٰه فهو عشر ثلاثمائة و ستين درجة فمن ذلك

(التوحيد الأول)

و هو قوله تعالى وَ إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الرَّحْمٰنُ الرَّحِيمُ فهذا توحيد الواحد بالاسم الرحمن الذي له النفس فبدأ به لأن النفس لولاه ما ظهرت الحروف و لو لا الحروف ما ظهرت الكلمات فنفى الألوهية عن كل أحد وحده الحق تعالى إلا أحديته فأثبت الألوهية لها بالهوية التي أعاد على اسمه الواحد و أول نعت نعته به الرحمن لأنه صاحب النفس و سمي مثل هذا الذكر تهليلا من الإهلال و هو رفع الصوت أي إذا ذكر بلا إله إلا اللّٰه ارتفع الصوت الذي هو النفس الخارج به على كل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست