responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 404

كان الهجاء مما عملته لِتُجْزىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمٰا(كَسَبَتْ) عملت ليعلموا صدق رسول اللّٰه ص فقال له رسول اللّٰه ص إني منهم فانظر ما تقول و كيف تقول و ائت أبا بكر فإنه أعرف بالأنساب فيخبرك حتى لا تقول كلاما يعود على رسول اللّٰه ص فتكون قد وقعت فيما وقعوا فيه فقال له حسان بن ثابت و اللّٰه لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين لأنه لا يعلق بها شيء من العجين و هكذا باب التسبيح فإنه تنزيه و التنزيه عبارة عن العدم ليس بتنزيه و إنما يكون التنزيه عن كل صفة تدل على الحدوث لاتصافه بالقدم و صفات الحدوث إنما هي للمحدثات و هنا زلت الاقدام في العلم بالمحدثات ما هي المحدثات و ما في الوجود إلا اللّٰه فإن الموجودات كلمات اللّٰه و بها يثنى على اللّٰه فإذا نزه المنزه ربه و لا ينزهه إلا عما هو صفة للمحدث و المحدث ليس له من نفسه شيء و لا عينه له و إنما هي لمن أظهرها فإذا نزه الحق عن شيء لا يثنى عليه إلا به و بأمثاله فقد تركت من الثناء عليه ما كان ينبغي لك أن تثني عليه به فإذا سبحته فتحقق عن أي شيء تنزهه إذ ما ثم إلا هو فإن نفس الرحمن هو جوهر الكائنات و لهذا وصف الحق نفسه بما هو من صفات المحدثات مما تحيله الأدلة النظرية العقلية و احذر أن تسبحه بعقلك و اجعل تسبيحه منك بالقرآن الذي هو كلامه فتكون حاكيا لا مخترعا و لا مبتدعا فإن كان هناك ما يقدح كنت أنت بريء الساحة من ذلك إذ ما سبحه إلا كلامه و هو أعلم بنفسه منك و هو يحمد ذاته بأتم المحامد و أعظم الثناء كما

قال ص أنت كما أثنيت على نفسك و قد أثنى على نفسه بما يقول فيه دليل العقل إنه لا يجوز عليه ذلك و ينزهه عنه و هذا غاية الذم و تكذيب الحق فيما نسبه إلى نفسه و علمك بأنك أعرف به منه فاحذر أن تنزهه عن أمر ثبت في الشرع أنه وصف له كان ما كان و لا تسبحه تسبيحة واحدة بعقلك جملة واحدة و قد نصحتك فإن الأدلة العقلية كثيرة التنافر للادلة الشرعية في الإلهيات فسبح ربك بكلام ربك و بتسبيحه لا بعقلك الذي استفاده من فكره و نظره فإنه ما استفاد أكثر ما استفاد إلا الجهل فتحفظ مما ذكر لك فإنه داء عضال قليل فيه الشفاء فذم بذم اللّٰه و امدح بمدح اللّٰه و ارحم برحمة اللّٰه و ألعن بلعنة اللّٰه تفز بالعلم و تملأ يديك من الخير و التسبيح ثناء كل موجود في العالم لا غير التسبيح و هذا هو الذي أضل العقلاء و هو من المكر الإلهي الخفي و غابت عقولهم عن قوله تعالى بحمده و هو ما ذكرناه فقال تعالى وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و ما قال يحمد و لا يكبر و لا يهلل فإنها كلها ثناء بإثبات وجودي و التسبيح ثناء بعدم فدخله المكر الإلهي فأثر في العقول المفكرة فجاء العارفون فوجدوا اللّٰه قد قيد تسبيح كل شيء بحمده المضاف إليه فسبحوه بما أثنى على نفسه فما استنبطوا شيئا بخلاف الناظرين بعقولهم في الإلهيات و لهذا قال وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ لأنهم نسوا بحمده حجتهم عن ذلك أدلة عقولهم إذ ستر اللّٰه عنها ذلك بستر أفكارهم فلم يؤاخذهم على ذلك لقوله إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً غَفُوراً مع ما فيه من سوء الأدب من وجه لما كان الشفيع فيهم عند اللّٰه قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و فيه غلطوا فقبل اللّٰه فيهم سؤال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فعفا عنهم فيما توقفوا فيه أو أحالوه مما أثبته الحق لنفسه من استواء و معية و ظرفية و نزول و غير ذلك مما لا يحصى كثرة مما نطقت به كتبه و رسله فقد أفهمتك كيف تسبح ربك و ألقيت بك على الطريق فاذكرني عند ربك

(الفصل الثامن)في الذكر بالتكبير

قال تعالى وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ و ذكر اللّٰه القرآن فاذكره بالقرآن لا تكبره بتكبيرك إذ قد أمرك أن تكبره فقال وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً عن الولد و الشريك و الولي و لا تغفل في هذا التكبير عن قوله من الذل فقيده فإنه يقول إِنْ تَنْصُرُوا اللّٰهَ يَنْصُرْكُمْ فما نصرناه من ذل فلهذا قال وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فإنه قد دعاك إلى نصرته ليوفي الصورة التي خلقك عليها حقها لأنه يقول أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فمن إعطائه الصورة التي خلقك عليها خلقها الذي هو عين حقها أن يطلب منها نصرته فإنه الناصر فقال كُونُوا أَنْصٰارَ اللّٰهِ و الناصر هو الولي فلهذا قيده فإذا كبرته عن الولي فاعلم عن أي ولي تكبره و كذلك أيضا الشريك في الملك

[العبد هل يملك أو لا يملك]

و على هذه المسألة تبتني مسألة العبد هل يملك أو لا يملك فمن رأى شركة الأسباب التي لا يمكن وجود المسببات إلا بها لم يثبت الشريك في الملك لأن السبب من الملك و هو كالآلة و الآلة يوجد بها ما هو ملك للموجد كما هي الآلة ملك للموجد و ما تملك الآلة شيئا فلهذا قيد التكبير عن الشريك في الملك لا في الإيجاد لأن اللّٰه تعالى أوجد الأشياء على

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست