responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 402



فاعلم بأن الذي سمعتا من قول كن منه قد خلقتا
فظاهر الأمر كان قول و باطن الأمر أنت كنتا
و الشكل عين الذي بدا لي و هو الوجود الذي رأيتا
قد أثبت الشيء قول ربي لو لم يكن ذاك ما وجدتا
فالعدم المحض ليس فيه ثبوت عين فقل صدقتا
لو لم تكن ثم يا حبيبي إذ قال كن لم تكن سمعتا
فأي شيء قبلت منه الكون أو كون عين أنتا
فكلمة الحضرة كلمات كما قال وَ مٰا أَمْرُنٰا إِلاّٰ وٰاحِدَةٌ فلم يكرر فعين الأمر عين التكوين و ما ثم أمر إلهي إلا كن و كن حرف وجودي عند سيبويه من واجب الوجود لا يقبل الحوادث فالأمر في نفسه صعب تصوره من الوجه الذي يطلبه الفكر سهل في غاية السهولة من الوجه الذي قرره الشرع فالفكر يقول ما ثم شيء ثم ظهر شيء لا من شيء و الشرع يقول و هو القول الحق

بل ثم شيء فصار كونا و كان غيبا فصار عينا
انظر إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ يعني السحاب الكائن من الأبخرة هنا الصاعدة للحرارة التي فيها و الأبخرة نفس عنصري و ليس بشيء زائد على السحاب و لم يكن سحابا في المتنفس بل هو شيء فظهر سحابا فتكاثف ثم تحلل ماء فنزل فتكون بخارا فصعد فكان سحابا فانظر إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّٰهَ يُزْجِي سَحٰاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكٰاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاٰلِهِ و أَنْزَلْنٰا مِنَ الْمُعْصِرٰاتِ مٰاءً ثَجّٰاجاً فينشئه سَحٰاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمٰاءِ كَيْفَ يَشٰاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً و هو تعدد الأعيان فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاٰلِهِ فَإِذٰا أَصٰابَ بِهِ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ إِذٰا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ فيما في السحاب من الماء يثقل فينزل كما صعد بما فيه من الحرارة فإن الأصغر يطلب الأعظم فإذا ثقل اعتمد على الهواء فانضغط الهواء فأخذ سفلا فحك وجه الأرض فتقوت الحرارة التي في الهواء فطلب الهواء بما فيه من الحرارة القوية الصعود يطلب الركن الأعظم فوجد السحاب متراكما فمنعه من الصعود تكاثفه فأشعل الهواء فخلق اللّٰه في تلك الشعلة ملكا سماه برقا فأضاء به الجو ثم انطفأ بقوة الريح كما ينطفئ السراج فزال ضوؤه مع بقاء عينه فزال كونه برقا و بقي العين كونا يسبح اللّٰه ثم صدع الوجه الذي يلي الأرض من السحاب فلما مازجه كان كالنكاح فخلق اللّٰه من ذلك الالتحام ملكا سماه رعدا فسبح بحمد اللّٰه فكان بعد البرق لا بد من ذلك ما لم يكن البرق خلبا فكل برق يكون على ما ذكرناه لا بد أن يكون الرعد يعقبه لأن الهواء يصعد مشتعلا فيخلقه ملكا يسميه برقا و بعد هذا يصدع أسفل السحاب فيخلق اللّٰه الرعد مسبحا بحمد ربه لما أوجده وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ و ثم بروق و هي ملائكة يخلقها اللّٰه في زمان الصيف من حرارة الجو لارتفاع الشمس فتنزل الأشعة الشمسية فإذا أحرقت ركن الأثير زادت حرارة فاشتعل الجو من أعلى و ما ثم سحاب لأن قوة الحرارة تلطف الأبخرة الصاعدة عن كثافتها فلا يظهر للسحاب عين و هنالك حكم الشين المعجمة من الحروف و لهذا سمي حرف التفشي فخلق اللّٰه من ذلك الاشتعال بروقا خلبا لا يكون معها رعد أصلا و هذه كلها حوادث ظهرت أعيانها عن كلمة كن في أنفاس و إنما جئنا بمثل هذا تأنيسا لك لتعلم ما فتح اللّٰه من الصور و الأعيان في هذا النفس العنصري المسمى بخار التكون لك عبرة إن كنت ذا بصر فتجوز بالنظر في هذا إلى تكوين العالم من النفس الرحماني الظاهر من محبة اللّٰه أن يعرفه خلقه فما في العالم أو ما هو العالم سوى كلمات اللّٰه و كلمات اللّٰه أمره و أمره واحدة : و هو كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ لأنه ما ثم أسرع من لمح البصر فإنه زمان التحاظه هو زمان التحاقه بغاية ما يمكن أن ينتهي إليه في التعلق و كذلك قوة السمع دون ذلك فتدبر يا أخي كلام اللّٰه و هذا القرآن العزيز و تفاصيل آياته و سورة و هو أحدي الكلام مع هذا التعداد و هو التوراة و الفرقان و الإنجيل و الزبور و الصحف فما الذي عدد الواحد أو وحد العدد انظر كيف هو الأمر فإنك إذا علمته علمت كلمة الحضرة و إذا علمت كلمة الحضرة علمت اختصاصها من الكلمات بكلمة كن لكل شيء مع اختلاف ما ظهر و من الحروف الظاهرة بالكاف و النون و من الحروف الباطنة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست