responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 38

حق طائفة منهم سبب الوفاء

[الأولياء الواصلون ما أمر اللّٰه به أن يوصل]

و من الأولياء أيضا الواصلون ما أمر اللّٰه به أن يوصل من رجال و نساء رضي اللّٰه عن جميعهم تولاهم اللّٰه بالتوفيق بالصلة لمن أمر اللّٰه به أن يوصل قال تعالى وَ(الَّذِينَ)يَصِلُونَ مٰا أَمَرَ اللّٰهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني من صلة الأرحام و أن يصلوا من قطعهم من المؤمنين بما أمكنهم من السلام عليهم فما فوقه من الإحسان و لا يؤاخذ بالجريمة التي له الصفح عنها و التغافل و لا يقطعون أحدا من خلق اللّٰه إلا من أمرهم الحق بقطعه فيقطعونه معتقدين قطع الصفة لا قطع ذواتهم فإن الصفة دائمة القطع في حق هؤلاء اتصف بها من اتصف فهم ينتظرون به رحمة اللّٰه أن تشمله و الوصل ضد القطع

[الوجود مبنى على الوصل]

و لما كان الوجود مبنيا على الوصل و لهذا دل العالم على اللّٰه و اتصف بالوجود الذي هو اللّٰه فالوصل أصل في الباب و القطع عارض يعرض و لهذا جعل اللّٰه بينه و بين عباده حبلا منه إليهم يعتصمون به و يتمسكون ليصح الوصلة بينهم و بين اللّٰه سبحانه قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم الرحم شجنة من الرحمن أي هذه اللفظة أخذت من الاسم الرحمن عينا و غيبا فمن وصلها وصله اللّٰه و من قطعها قطعه اللّٰه و قطعه إياها هو قطع اللّٰه لا أمر زائد فلما علموا أن الحق تعالى ما دعاهم إليه و لا شرع لهم الطريق الموصل إليه إلا ليسعدوا بالاتصال به فهم الواصلون أهل الأنس و الوصال

فهم الذين همو همو أهل المودة في القديم

[اتصال داخل الأنفاس بخارجها]

و

قد ورد في الخبر لا تحاسدوا و لا تدابروا و لا تقاطعوا و كونوا عباد اللّٰه إخوانا فنهوا عن التقاطع أ لا ترى اتصال الأنفاس داخلها بخارجها يؤذن بالبقاء و الحياة فإذا انقطعت الوصلة بين النفسين فخرج الداخل يطلب دخول الخارج فلم يجده مات الإنسان لانقطاع تلك الوصلة التي كانت بين النفسين فالواصلون ما أمر اللّٰه به أن يوصل ذلك هو عين وصلتهم بالله تعالى فأثنى عليهم

[الأولياء الخائفون]

و من الأولياء أيضا الخائفون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالخوف منه أو مما خوفهم منه امتثالا لأمره فقال وَ خٰافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ و أثنى عليهم بأنهم يَخٰافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصٰارُ و يَخٰافُونَ سُوءَ الْحِسٰابِ فإذا خافوه التحقوا بالملإ الأعلى في هذه الصفة فإنه قال فيهم يَخٰافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ فمن كان بهذه المثابة تميز مع الملإ الأعلى

[خوف الزمان و خوف الحال]

فمن أدبهم مع اللّٰه أنهم خافوا اليوم لما يقع فيه لكون اللّٰه خوفهم و منه و لما تحققوا بهذا الأدب أثنى اللّٰه عليهم بأنهم يَخٰافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصٰارُ فهذا خوف الزمان و أما خوف الحال فهو قوله وَ يَخٰافُونَ سُوءَ الْحِسٰابِ فهم أهل أدب مع اللّٰه وفقوا له حيث وفقهم فإن كثيرا من أهل اللّٰه لا يتفطنون لهذا الأدب و لا يعرجون على ما خوفوا به من الأكوان و علقوا أمرهم بالله فهؤلاء لهم لقب آخر غير اسم الخائف و إنما الخائفون الذين استحقوا هذا الاسم فهم الأدباء

[الخوف من اللّٰه و من الهدى و من العدو]

أوحى اللّٰه إلى رسوله موسى عليه السلام يا موسى خفني و خف نفسك يعني هواك و خف من لا يخافني و هم أعداء اللّٰه فأمره بالخوف من غيره فامتثل الأدباء أمر اللّٰه فخافوهم في هذا الموطن كما شكروا غير اللّٰه من المحسنين إليهم بأمر اللّٰه لا من حيث إيصال النعم إليهم على أيديهم فهم في عبادة إلهية في شكرهم و في خوفهم و هذا صراط دقيق خفي على العارفين فما ظنك بالعامة و أما المتوسطون أصحاب الأحوال فلا يعرفونه لأنهم تحت سلطان أحوالهم

[الأولياء المعرضون عمن أمر اللّٰه بالإعراض عنه]

أو من الأولياء أيضا المعرضون عمن أمرهم اللّٰه بالإعراض عنه من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالإعراض عنهم قال تعالى وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ و قال فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّٰى عَنْ ذِكْرِنٰا و قد علمت هذه الطبقة أنه ما ثم إلا اللّٰه فأعرضوا بأمره عن فعله فكانوا أدباء زمانهم و لم يعرضوا بأنفسهم إذ المؤمن لا نفس له ف‌ إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ فمن ادعى الايمان و زعم أن له نفسا يملكها فليس بمؤمن فقال الحق لمن هذه صفته فأعرض بها يعني بالنفس التي اشتريتها منك أعرض بها عن من تولى عن ذكرنا ممن لم نشتر منه نفسه لكونه غير مؤمن فقوله اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ أي عن الذي أسقطه اللّٰه عن أن يعتبر معرضون لكون الحق أسقط يقال لما لا يعتد به في الدية من أولاد الإبل لغو أي ساقط و منه لغو اليمين لإسقاط الكفارة و المؤاخذة بها فأثنى اللّٰه عليهم بالإعراض و إن تحققوا أنه ما ثم إلا اللّٰه

[الأولياء الكرماء]

و من الأولياء أيضا الكرماء من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بكرم النفوس فقال تعالى وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً أي لم ينظروا لما أسقط اللّٰه النظر إليه فلم يتدنسوا بشيء منه فمروا به غير ملتفين إليه كراما فما أثر فيهم فإنه مقام تستحليه النفوس و تقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّٰه عليها و هذه هي النفوس الآبية أي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست