responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 39

تأبى الرذائل فهي نفوس الكرام من عباد اللّٰه و التحق بهذه الصفة بالملإ الأعلى الذين قال اللّٰه فيهم إن صحفه بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرٰامٍ بَرَرَةٍ فنعتهم بأنهم كرام فكل وصف يلحقك بالملإ الأعلى فهو شرف في حقك

[التخلق بأسماء اللّٰه عند العارفين]

فإن العارفين من عباد اللّٰه يجعلون بينهم و بين نعوت الحق عند التخلق بأسمائه ما وصف اللّٰه به الملأ الأعلى من تلك الصفة فيأخذونها من حيث هي صفة لعبيد من عباد اللّٰه مطهرين لا من حيث هي صفة للحق تعالى فإن شرفهم أن لا يبرحوا من مقام العبودية و هذا الذوق في العارفين عزيز فإن أكثر العارفين إنما يتخلقون بالأسماء الحسنى من حيث ما هي أسماء اللّٰه تعالى لا من حيث ما ذكرناه من كون الملإ الأعلى قد اتصف بها على ما يليق به فلا يتخلق العارف بها إلا بعد أن اكتسبت من اتصاف الملإ الأعلى روائح العبودة فمثل هؤلاء لا يجدون في التخلق بها طعما للربوبية التي تستحقها هذه الأسماء فمن عرف ما ذكرناه و عمل عليه ذاق من علم التجلي ما لم يذقه أحد ممن وجد طعم الربوبية في تخلقه

[صفات أولياء اللّٰه في كتاب اللّٰه]

و صفات أولياء اللّٰه في كتاب اللّٰه المودع كلام اللّٰه كثيرة و من أعلى الثناء و أكمله ما أوقع الاشتراك فيه بما يدل على المفاضلة و أكثر من هذا التنزل الإلهي ما يكون و لو لا إن الكيان مظاهر الحق فكان نزوله منه إليه لما أطاق العارفون حمل كلام الحق و لا سماعه فجعل نفسه أرحم الراحمين بعباده : و أحكم الحاكمين بفصل قضائه : و أحسن الخالقين بتقديره : و خير الغافرين بستر جلاله : و خير الفاتحين لمغالق غيوبه : و خير الفاصلين بأحكام حكمته : ف‌ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ بكلايته و بِشَهٰادٰاتِهِمْ قٰائِمُونَ بين يديه في بساط جلاله و داعون إليه على بينة منه و بصيرة بما يطلبه حسن بلائه و هم العاملون بأوامره وَ الرّٰاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ بشهادة توحيده بلسان إيمانه و أولو الأبصار بالاعتبار في مخلوقاته : و أولو النهى بما زجرهم به في خطابه : و أولو الألباب بما حفظهم من الاستمداد لبقاء نوره : و هم العارفون عن الناس لما حجهم به عن الاطلاع إلى سابق علمه و الكاظمون الغيظ لتعدي حدوده : و المنفقون مما استخلفهم فيه أداء أمانة لمن شاء من عبيده :

و المستغفرون بالأسحار عند تجليه من سمائه : و الشاكرون لما أسداه من آلائه : و الفائزون بما وهبهم من معرفته :

و السابقون على نجب الأعمال إلى مرضاته : و الأبرار بما غمرهم به من إحسانه : و المحسنون بما أشهدهم من كبريائه :

و المصطفون من بين الخلائق باجتبائه : و الأعلون بإعلاء كلمته على كلمة أعدائه : و المقربون بين أسمائه و أنبيائه : و المتفكرون فيما أخفاه من غامض حكمته في أحكامه : و المذكرون من نسي إقراره بربوبيته عند أخذ ميثاقه : و الناصرون أهل دينه على من ناواهم فيه ابتغاء منازعته و إن كان بقضائه : أولئك عباد اللّٰه الذين ليس لأحد عليهم سلطان لكونهم من أهل الحجة البالغة لما تكلموا بالنيابة عنه في كلامه فهو لسانهم و سمعهم و بصرهم و يدهم في نوره و ظلماته و لو تقصينا ما ذكر اللّٰه في كتابه من صفات أولياءه و شرحنا ما خصوا به لم يف بذلك الوقت فإذ و لا بد من الاقتصاد في الاقتصار فليكف هذا القدر الذي ذكرناه من ذلك إجمالا و تفصيلا و موقتا و غير موقت

[المشيئة هي عرس الذات]

و اعلم أنه من شم رائحة من العلم بالله لم يقل لم فعل كذا و ما فعل كذا و كيف يقول العالم بالله لم فعل كذا و هو يعلم أنه السبب الذي اقتضى كل ما ظهر و ما يظهر و ما قدم و ما أخر و ما رتب لذاته فهو عين السبب فلا يوجد لعلة سواه و لا يعدم سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا فمشيئته عرش ذاته كذا قال أبو طالب المكي إن عقلت فإن فتح لك في علم نسب الأسماء الإلهية التي ظهرت بظهور المظاهر الإلهية في أعيان الممكنات فتنوعت و تجنست و تشخصت قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنٰاسٍ مَشْرَبَهُمْ و كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاٰتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ فسبب ظهور كل حكم في عينه اسمه الإلهي و ليست أسماؤه سوى نسب ذاتية فاعقل وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء التاسع و السبعون >(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)<

(وصل من هذا الباب) [إيضاح و شرح المسائل الروحانية]

اعلم أن الدعاوي لما استطال لسانها في هذا الطريق من غير المحققين قديما و حديثا جرد الإمام صاحب الذوق التام محمد ابن علي الترمذي الحكيم مسائل تمحيص و اختبار و عددها مائة و خمسة و خمسون سؤالا لا يعرف الجواب عنها إلا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست