responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 36

فليسوا بأجناد و إن كانوا مؤمنين و الجامع لمعرفة هذه الطبقة أن كل شخص يقدر على دفع عدو بآلة تكون عنده فهو من جنده سبحانه و تعالى الذين لهم الغلبة و القهر و هو التأبيد الإلهي الذي به يقع ظهورهم على الأعداء قال تعالى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظٰاهِرِينَ

[الأولياء الأخيار]

و من الأولياء أيضا الأخيار من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم قال اللّٰه تعالى وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنٰا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيٰارِ تولاهم اللّٰه بالخيرة قال تعالى أُولٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرٰاتُ جمع خيرة و هي الفاضلة من كل شيء و منه فِيهِنَّ خَيْرٰاتٌ حِسٰانٌ و الفضل يقتضي الزيادة على ما يقع فيه الاشتراك مما لا يشترك فيه من ليس من ذلك الجنس فالأخيار كل من زاد على جميع الأجناس بأمر لا يوجد في غير جنسه من العلم بالله على طريق خاص لا يحصل إلا لأهل ذلك الجنس ثم في هذا الجنس العالم بهذا العلم الخاص الذي به سموا أخيارا منهم من أعطى الإفصاح عما علمه و منهم من لم يعط الإفصاح عما علمه في نفسه فالذي أعطى الإفصاح أخير ممن هو دونه و هو المستحق بهذا الاسم فإن الخير بالكسر الكلام يقال في فلان كرم و خير أي كرم و فصاحة فإذا أعطى الفصاحة عما عنده اهتدى به من سمع منه فكانت المنفعة به أتم فكان أفضل من غيره فإنه أقرب إلى التشبه بالاسم النافع فاعلم ذلك فقد بينت لك مرتبة الأخيار و لهذا ورد في أوصاف المرسلين لأن الرسول لا بد أن يكون مؤيدا بالنطق ليبين لمن أرسل إليه ما أرسل به إليه فهم الأخيار أي أصحاب هذه الفضيلة

[الأولياء الأوابون]

و من الأولياء أيضا الأوابون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالأوبة في أحوالهم قال تعالى فَإِنَّهُ كٰانَ لِلْأَوّٰابِينَ غَفُوراً يقال آبت الشمس لغة في غابت فالرجال الغائبون عند اللّٰه فلم يشهد حالهم مع اللّٰه أحد من خلق اللّٰه فإن اللّٰه وصف نفسه بأنه غفور لهم أي ساتر أي يستر مقامهم عن كل أحد سواه لأنهم طلبوا الغيبة عنده حتى لا يكون لهم مشهود سواه سبحانه و الآئب أيضا الذي يأتي القوم ليلا كالطارق و الليل ستر و هم الراجعون إلى اللّٰه في كل حال من كل ناحية يقال جاءوا من كل أوبة أي ناحية فالأواب الراجع إلى اللّٰه من كل ناحية من الأربع التي يأتي منها إبليس إلى الإنسان من ناحية أيديهم و من خلفهم وَ عَنْ أَيْمٰانِهِمْ وَ عَنْ شَمٰائِلِهِمْ فهم يرجعون في ذلك كله إلى اللّٰه أولا و آخرا فيما ذم و حمد من ذلك و لما اقتضى الأدب أن لا يرجعوا في حصول ما ذم إلى اللّٰه و اقتضى لهؤلاء هذا الحال أن يرجعوا فيه إلى اللّٰه سمى نفسه غفورا للأوابين أي يغفر لهم هذا القدر الذي يصحبه من مقام آخر من سوء الأدب فالرجال الذين هم بهذه المثابة و هذه الصفة هم الأوابون

[الأولياء المخبتون]

و من الأولياء أيضا المخبتون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالإخبات و هو الطمأنينة قال إبراهيم عليه السلام وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أي يسكن و الخبت المطمئن من الأرض فالذين اطمأنوا بالله من عباده و سكنت قلوبهم لما اطمأنوا إليه سبحانه فيه و تواضعوا تحت اسمه رفيع الدرجات و ذلوا لعزته و أولئك هم المخبتون الذين أمر اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم في كتابه أن يبشرهم فقال له وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ فإن قيل و من المخبتون فقل اَلَّذِينَ إِذٰا ذُكِرَ اللّٰهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصّٰابِرِينَ عَلىٰ مٰا أَصٰابَهُمْ وَ الْمُقِيمِي الصَّلاٰةِ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ فهذه صفات المخبتين أي كانوا ساكنين فحركهم ذكر اللّٰه بحسب ما وقع به الذكر و صبروا أي حبسوا نفوسهم على ما أصابهم من ذلك و لم يمنعهم ذلك الوجل و لا غلبة الحال عن إقامة الصلاة إذا حضر وقتها على أتم نشأتها لما أعطاهم اللّٰه من القوة على ذلك ثم مع ما هم فيه من الصبر على ما نابهم من الشدة فسألهم سائل و هم بتلك المثابة في رزق علمي أو حسي من سد جوعة أو ستر عورة أعطوه مما سألهم منه فلم يشغلهم شأن عن شأن فهذا نعت المخبتين الذي نعتهم اللّٰه به و هم ساكنون تحت مجاري الأقدار عليهم راضون بذلك من خبت النار إذا سكن لهبها

[الأولياء المنيبون]

و من الأولياء أيضا المنيبون إلى اللّٰه من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالإنابة إليه سبحانه قال تعالى إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّٰاهٌ مُنِيبٌ و الرجال المنيبون هم الذين رجعوا إلى اللّٰه من كل شيء أمرهم اللّٰه بالرجوع عنه مع شهودهم في حالهم أنهم نواب عن اللّٰه في رجوعهم إذ الرجوع عن الكشف إنما هو لله إذ كانت نواصي الخلق بيده يصرفهم كيف يشاء فمن شاهد نفسه في إنابته إلى ربه نائبا عن اللّٰه كما ينوب المصلي عن اللّٰه في قوله سمع اللّٰه لمن حمده و في تلاوته كذلك رجوعه إلى اللّٰه في كل حال يسمى منيبا فلهم خصوص هذا الوصف

[الأولياء المبصرون]

و من الأولياء أيضا المبصرون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالأبصار و هو من صفات خصائص المتقين قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذٰا مَسَّهُمْ طٰائِفٌ مِنَ الشَّيْطٰانِ تَذَكَّرُوا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست