responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 354

لا يزال ماثلا بين يديه فإذا أمره رأى هذا المحب أنه قد امتن عليه حيث استعمله و أمره و إن هذا من عنايته به و إن فقد رؤيته و مشاهدته فيما شغله به فهو في نعيم و لذة بكونه يتصرف في مراسيم سيده و عن إذنه فإن كان المحب اللّٰه فأمر المحبوب له دعاؤه و رغبته فيما يعن له و يحبه ثم إنه يكره أشياء فيدعوه بصفة النهي مثل قوله لاٰ تُزِغْ قُلُوبَنٰا و لاٰ تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً و لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ فهذا سؤال بصفة نهي فقد وقع منه الأمر و النهي لسيده و إجابة الحق هذا العبد من حيث هو محب لهذا العبد كالطاعة من العبد لأوامر سيده و مجانبة مخالفته

(منصة و مجلى)نعت المحب بأنه خارج
عن نفسه بالكلية

اعلم أن نفس الشخص الذي يتميز به عن كثير من المخلوقات إنما هو إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد به محبوبه فقد خرج عن نفسه بالكلية فلا تصرف له فإذا أراد به محبوبه أمرا ما و علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع أو تهيأ لقبول ذلك و رأى أن ذلك التهيؤ و المسارعة من سلطنة الحب الذي تحكم فيه فلم ير المحبوب في محبه من ينازعه فيما يريده به أو منه لأنه خرج له عن نفسه بالكلية فلا إرادة له معه و لكن مع وجود نفسه و طلبه الاتصال به و إن لم يكن كذلك فهو في مرتبة الجماد الذي لا إرادة له فما له لذة إلا اللذة التي متعلقها التذاذ محبوبه بما يراه منه في قبوله المحب اللّٰه أوحى اللّٰه إلى موسى يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك يعني الدنيا و الآخرة لأنه العين المقصودة و هو رأس الأحباء محمد ص فالكل في تسخير هذه النشأة الإنسانية الأفلاك و ما تحتوي عليه و الكواكب و ما في سيرها هذا في الدنيا و أما في الآخرة فما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر حتى نهاية الأمر و هو التجلي الإلهي يوم الزور الأعظم فهذا معنى خروج المحب عن نفسه بالكلية في كل ما يمكن أن يحتاج إليه المحبوب و ما لا حاجة للمحبوب به و لا يعود عليه منه لذة و ابتهاج فلا يدخل تحت هذا الباب

(منصة و مجلى)نعت المحب
لا يطلب الدية في قتله

لأنا قد وصفناه أولا بأنه مقتول قتل المحب شهادة فقتله حياته و الحي لا دية فيه إنما يؤدي القتيل الذي يموت فله شرعت الدية المحب اللّٰه كون العبد محبوبا إرادته نافذة لا إرادة للمحب تنازع إرادته المقتول لا إرادة له و من كان بإرادة محبوبه فلا إرادة له و إن كان مريدا و لا دية له لأن الحي لا دية فيه و الحياة الذاتية له و هو حب الفرائض إذا أداها أحبه اللّٰه ففي النوافل يكون سمع العبد و بصره و في الفرائض يكون العبد سمع الحق و بصره و لهذا ثبت العالم فإن اللّٰه لا ينظر إلى العالم إلا ببصر هذا العبد فلا يذهب العالم للمناسبة فلو نظر إلى العالم ببصره لاحترق العالم بسبحات وجهه فنظر الحق العالم ببصر الكامل المخلوق على الصورة هو عين الحجاب الذي بين العالم و بين السبحات المحرقة

(منصة
و مجلى)نعت المحب بأنه يصبر على الضراء

التي ينفر منها الطبع لما كلفه محبوبه من تدبيره الإنسان مجموع الطبع و النور فالطبع يطلبه و النور يطلبه و كلف النور أن يغتبن و يترك كثيرا مما ينبغي له و تطلبه حقيقته لما يطلبه الطبع من المصالح و أمر النور الذي هو الروح أن يوفيه حقه و هو

قوله ص لمن قال له من أبر قال أمك ثلاث مرات ثم قال له في الرابعة ثم أباك فرجح بر الأم على بر الأب و الطبيعة الأم و هو

قوله ص إن لنفسك عليك حقا و هي النفس الحيوانية و لعينك عليك حقا فهذا كله من حقوق الأم التي هي طبيعة الإنسان و أبوه هو الروح الإلهي و هو النور فإذا ترك أمورا كثيرة من محابه من حيث نوريته فإنه يتصف بأنه مضرور و هو مأمور بالصبر فهذا معنى يصبر على الضراء و إن كانت حقيقته تنفر من ذلك و لكن أمر اللّٰه أوجب ثم قال له في صبره وَ اصْبِرْ وَ مٰا صَبْرُكَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ فإن اللّٰه تسمى بالاسم الصبور فكأنه قال له أنا على عزة جلالي قد وصفت نفسي بأني أؤذى و إني أحلم و أصبر و تسميت بالصبور و أنا غير مأمور و لا محجور علي فأدخلت نفسي تحت محاب خلقي و تركت ما ينبغي لي لما ينبغي لخلقي إيثار الهم و رحمة مني بهم فأنت أحق بأن تصبر على الضراء بي أي بسبب أمري و بسبب كوني صبورا على أذى خلقي حين وصفوني بما لا يقتضيه جلالي و هذا من كون اللّٰه محبا في هذا المجلى و أما كونه كذلك لما كلفه محبوبه من تدبير نشأته الطبيعية فإذا كان المحبوب الخلق و المحب الحق فصورة التكليف ما يطلبه العبد من سيده إذا عرف أنه محبوب لسيده من تدبير مصالحه بشرط الموافقة لأغراضه و محابه فيفعل الحق معه ذلك فهذا ذلك المعنى الذي نعت به المحب

(منصة و مجلى)
نعت المحب بأنه هائم القلب

لما كان القلب سمي بذلك لكثرة تصرفاته و تقليبه كثرت وجوهه و توجهاته و هذه صفة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 354
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست