responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 340

الأذلاء و لهذا وصفت الأرض بأنها ذلول على طريق المبالغة لكون الأذلاء يطئونها و لما لازم الحب قلوب المحبين و الشوق قلوب المشتاقين و الأرق نفوس الأرقين و كل صفة للحب موصوفها منه سمي صاحب هذه الملازمات كلها مغرما و سميت صفته غراما فهو اسم يعم جميع ما يلزم المحب من صفة الحب فليس للمحب صفة أعظم إحاطة من الغرام و من نعوت المحبين الشوق و هو حركة روحانية إلى لقاء المحبوب و حركة طبيعية جسمانية حسية إلى لقاء المحبوب إذا كان من شكله ذلك المحبوب فإذا لقيه أي محبوب كان فإنه يجد سكونا في حركة فيتحير لما ذا ترجع تلك الحركة مع وجود اللقاء و يراها تتزيد و يدركه معها خوف في حال الوصلة فيجد الخوف متعلقة توقع الفرقة و يجد الحركة الاشتياقية تطلب استدامة حالة الوصلة و لذلك يهيج باللقاء كما قيل في الشوق

و أبرح ما يكون الشوق يوما إذا دنت الديار من الديار
و قال الآخر فيما ذكرناه من الخوف في حال الوصلة

و أبكي إن ناءوا شوقا إليهم و أبكي إن دنوا خوف الفراق
هذا جزاء من أحب غير عينه و جعل وجود عين محبوبه فيما هو خارج عنه فلو أحب اللّٰه لم تكن هذه حالته فمحب اللّٰه لا يخاف فرقة و كيف يفارق الشيء لازمه و هو في قبضته لا يبرح و بحيث يراه محبوبه و هو أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ و مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ أين الفراق و ما في الكون إلا هو

يقول اللّٰه تعالى من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا الحديث فهكذا ينبغي أن تعرف يا أخي قدر من أحبك لله أو لنفسه إذا كان الحق مع غناه عن العالم إذا أحبه عبده سارع إليه بالوصلة و قربه و أدنى مجلسه و جعله من خواص جلسائه فأنت أولى بهذه الصفة إذا أحبك شخص فقد أعطاك السيادة عليه و جعل نفسه محلا لتحكمك فيه فينبغي لك إن كنت عاقلا أن تعرف قدر الحب و قدر من أحبك و لتسارع إلى وصلته تخلقا بأخلاق اللّٰه مع محبته فإنه من بدأك بالمحبة فتلك يدله عليك لا تكافئها أبدا و ذلك لأن كل ما يفعله من الحب بعد ابتدائه معه فإنما هو نتيجة عن ذلك الحب الذي أحبك ابتداء و من نعوت المحبين الهيام و هم المهيمون الذين يهيمون على وجوههم من غير قصد جهة مخصوصة و المحبون لله أولى بهذه الصفة فإن الذي يحب المخلوق إذا هام على وجهه فهو لقلقه و يأسه من مواصلة محبوبه و محب اللّٰه متيقن بالوصلة و قد علم أنه سبحانه لا يتقيد و لا يختص بمكان يقصد فيه لأن حقيقة الحق تأبى ذلك و لذلك قال فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ و قال وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ بمحبة مهيم في كل واد و في كل حال لأن محبوبه الحق فلا يقصده في وجه معين بل يتجلى له في أي قصد قصده على أي حالة كان فهم أحق بصفة الهيمان من محبي المخلوقين فهو تعالى المشهود عند المحبين من كل عين و المذكور بكل لسان و المسموع من كل متكلم هكذا عرفه العارفون و بهذه الحقيقة تجلى للمحبين و من نعوت المحبين الزفرات و هي نار نور محرقة يضيق القلب عن حملها فتخرج منضغطة لتراكمها مما يجده المحب من الكمد فيسمع لخروجها صوت تنفس شديد الحرارة كما يسمع لصوت النار صوت يسمى ذلك الصوت زفرة و لا يكون ذلك إلا في الجسم الطبيعي خاصة و قد يكون في الصورة المتجسدة و لهذا تتصف الصورة المتجسدة عن المعنى المجرد إذا ظهر فيها و قيل هذه صورته بالغضب و الرضي كالأجسام الطبيعية كما

قال ص عن نفسه إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر و أرضى كما يرضى البشر و إذا كان الجناب الإلهي الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قد وصف نفسه بالرضى و الغضب في هاتين الصفتين و في أمثالهما مما وصف الحق بها نفسه و من تلك الحقيقة ظهرت في العالم و لهذا قلنا إن اللّٰه سبحانه علمه بنفسه علمه بالعالم لا يكون إلا هكذا فكل حقيقة ظهرت في العالم و صفة فلها أصل إلهي ترجع إليه لو لا ذلك الأصل الإلهي يحفظ عليها وجودها ما وجدت و لا بقيت و لا يعلم ذلك إلا الآحاد من أهل اللّٰه فإنه علم خصوص قال تعالى وَ غَضِبَ اللّٰهُ عَلَيْهِ ثم ورد في الخبر ما هو أشد من هذا لمن عقل عن اللّٰه و هو ما

ورد في الحديث الصحيح من قول الأنبياء في القيامة أن اللّٰه قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله فهذا أشد من ذلك حيث اتصف غضبه بالحدوث و الزوال و في ذلك المقام

يقول محمد ص فيمن بدل من أصحابه بعده سحقا سحقا لاقتضاء الحال و الموطن فإن صاحب السياسة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست