responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 341

يجري في أحكامه بحسب الأحوال و المواطن و من نعوت المحبين الكمد و هو أشد حزن القلب لا يجري معه دمع إلا أن صاحبه يكون كثير التأوه و التنهد و هو حزن يجده في نفسه لا على فائت و لا تقصير و هذا هو الحزن المجهول الذي هو من نعوت المحبين ليس له سبب إلا الحب خاصة و ليس له دواء إلا وصال المحبوب فيفنيه شغله به عن الإحساس بالكمد و إن لم تقع الوصلة بالمحبوب اتصال ذوات فيكون المحبوب ممن يأمره فيشغله القيام بأوامره و فرحه بذلك عن الكمد فأكثر ما يكون الكمد إذا لم يقع بينه و بين المحبوب ما يشغله عن نفسه و ليس للمحب صفة تزول مع الاشتغال غير الكمد و نعوت المحبة كثيرة جدا مثل الأسف الوله البهت الدهش الحيرة الغيرة و الخرس السقام القلق الخمود البكاء التبريح و الوجد و السهاد و ما ذكره المحبون في أشعارهم من ذلك و كلامنا في هذا الباب ما يختص بحب اللّٰه لعباده و حب العباد لله لا غير ذلك فالله سبحانه قد ذكرا قواما بأنه يحبهم لصفة قامت بهم أحبهم لأجلها كما سلب محبته عن قوم لصفات قامت بهم ذكر ذلك في كتابه و عن لسان رسول اللّٰه ص انتهى الجزء الثالث عشر و مائة بانتهاء السفر الخامس عشر (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

[أن لله محبتين]

فمن ذلك الاتباع لرسوله ص فيما شرع قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ فاعلم إن لله محبتين أو تعلقين محبته لعباده الذي هو خصوص إرادة التعلق الأول حبه إياهم ابتداء بذلك الحب وفقهم للاتباع اتباع رسله سلام اللّٰه على جميعهم ثم أنتج لهم ذلك الاتباع تعلقين من المحبة لأن الاتباع وقع من طريقين من جهة أداء الفرائض و التعلق الآخر من جهة ملازمة النوافل

قال ص فيما يرويه عن ربه عز و جل أنه قال الحديث و فيه و ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا و يدا و مؤيدا و إذا كان الحق سمع العبد و قواه في النوافل فكيف بالحب الذي يكون من الحق له بأداء الفرائض و هو أن يكون الحق يريد بإرادة هذا العبد المجتبى و يجعل له التحكم في العالم بما شاء بمشيئته تعالى الأولية التعلق التي بها و فقه فاندرج هذا التعلق في الأول و هو قوله وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ و كل صفة ذكرها الحق أنه يحب من أجلها من قامت به فما حصلت له تلك الصفة إلا بالاتباع فإن رسول اللّٰه ص سنها و ذلك عن اللّٰه فإنه مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ و إنه يفعل به و بنا فنفى أن يكون الفعل له و لنا كما يراه بعضهم و هو قوله مٰا أَدْرِي مٰا يُفْعَلُ بِي وَ لاٰ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّٰ مٰا يُوحىٰ إِلَيَّ وَ مٰا أَنَا إِلاّٰ نَذِيرٌ مُبِينٌ فهو قوله مٰا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاٰغُ و معنى الاتباع أن نفعل ما يقول لنا فإن قال اتبعوني في فعلي اتبعناه و إن لم يقل فالذي يلزمنا الاتباع فيما يقول فينتج لنا الاتباع فيما أمرنا به و نهانا عنه و الوقوف عند حدوده أن نتبعه في أفعاله في خلقه و هي المسماة كرامة و آية أي علامة على صدق الاتباع و الرسل أيضا تابعون فإنه يقول ع إن أتبع إلا ما يوحى إلي فيكون ما يظهر عليه من الاتباع في فعل اللّٰه نتيجة اتباعه لأوامر اللّٰه آية و يكون لنا ذلك كرامة و هو الفعل بالهمة و التوجه من غير مباشرة فيظهر على يد هذا العبد من خرق العوائد مما لا ينبغي أن يكون إلا على ذلك الوجه من غير سبب إلا مجرد الإرادة إلا لله تعالى فإن ذلك الفعل إذا ظهر عن سبب موضوع ظاهر لم يكن من هذا الباب كطيران الطائر بسبب ظاهر و إن كان لا يمسكه إلا اللّٰه أي اللّٰه الذي وضع له أسباب الإمساك في الهواء و الإنسان إذا اخترق الهواء و مشى فيه بمجرد الإرادة لا بسبب ظاهر معتاد أشبه فعل الحق في تكوين الأشياء بالإرادة فهذا الفارق بينه و بين وقوع ذلك بالأسباب و أصله التحقق بالاتباع و المتبع في التشريع إنما هو اللّٰه و المتبع في الفعل بالإرادة إنما هو اللّٰه و الكل بعناية اللّٰه و مشيئته لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و من ذلك حبه سبحانه التوابين فالتواب صفته و من أسمائه تعالى يقول عز و جل أَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ فما أحب إلا اسمه و صفته و أحب العبد لاتصافه بها و لكن إذا اتصف بها على حد ما أضافها الحق إليه و ذلك أن الحق يرجع على عبده في كل حال يكون العبد عليه مما يبعده من اللّٰه و هو المسمى ذنبا و معصية و مخالفة فإذا أقيم العبد في حق من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست