responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 217

[ما ثم إلا من هو مستقيم لأنه ما ثم إلا من هو الحق آخذ بناصيته]

اعلم وفقك اللّٰه أن اللّٰه أخبر عن نبيه و رسوله ع في كتابه أنه قال إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ فوصف نفسه بأنه على صراط مستقيم و ما خطأ هذا الرسول في هذا القول ثم إنه ما قال ذلك إلا بعد قوله مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا فما ثم إلا من هو مستقيم على الحقيقة على صراط الرب لأنه ما ثم إلا من الحق آخذ بناصيته و لا يمكن إزالة ناصيته من يد سيده و هو على صراط مستقيم و نكر لفظ دابة فعم فأين المعوج حتى تعدل عنه فهذا جبر و هذه استقامة فالله يوفقنا لإنزال كل حكمة في موضعها فهنالك تظهر عناية اللّٰه بعبده

[الشرعة المجعولة و المنهاج المرسوم]

لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً و هي أحكام الطريقة التي في قوله وَ مِنْهٰاجاً فكلها مجعولة بجعل اللّٰه فمن مشى في غير طريقه التي عين اللّٰه له المشي عليها فقد حاد عن سواء السبيل التي عين اللّٰه له المشي عليها كما أن ذلك الآخر لو ترك سبيله التي شرع اللّٰه له المشي عليها و سلك سبيل هذا سميناه حائدا عن سبيل اللّٰه و الكل بالنسبة إلى واحد واحد على صراط مستقيم فيما شرع له

[الشريعة الاسلامية و الشرائع النبوية و النواميس الحكمية]

و لهذا خط رسول اللّٰه ص خطا و خط عن جنبتي ذلك الخط خطوطا فكان ذلك الخط شرعه و منهاجه الذي بعث به و قيل له قل لأمتك تسلك عليه و لا تعدل عنه و كانت تلك الخطوط شرائع الأنبياء التي تقدمته و النواميس الحكمية الموضوعة ثم وضع يده على الخط و تلا وَ أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فأضافه إليه و لم يقل صراط اللّٰه و وصفه بالاستقامة و ما تعرض لنعت تلك الخطوط بل سكت عنها ثم قال فَاتَّبِعُوهُ الضمير يعود على صراطه وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني شرائع من تقدمه و مناهجهم من حيث ما هي شرائع لهم إلا إن وجد حكم منها في شرعي فاتبعوه من حيث ما هو شرع لنا لا من حيث ما كان شرعا لهم فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ يعني تلك الشرائع عن سبيله أي عن طريقه الذي جاء به محمد ص و لم يقل عن سبيل اللّٰه لأن الكل سبيل اللّٰه إذ كان اللّٰه غايتها ذٰلِكُمْ وَصّٰاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي تتخذون تلك السبيل وقاية تحول بينكم و بين المشي على غيره من السبل

[الملائكة أولياء المستقيمين في الحياة الدنيا و في الآخرة]

و هو قوله إِنَّ الَّذِينَ قٰالُوا من أي شرع كان إذا كان له الزمان و الوقت رَبُّنَا اللّٰهُ ثُمَّ اسْتَقٰامُوا على طريقهم التي شرع اللّٰه لهم المشي عليها تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاٰئِكَةُ و هذا التنزل هو النبوة العامة لا نبوة التشريع تتنزل عليهم بالبشر أَلاّٰ تَخٰافُوا وَ لاٰ تَحْزَنُوا فإنكم في طريق الاستقامة ثم قالوا لهم هؤلاء المبشرون من الملائكة نَحْنُ أَوْلِيٰاؤُكُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا أي نحن كنا ننصركم في الحياة الدنيا في الوقت الذي كان الشيطان يلقي إليكم بلمته العدول عن الصراط الذي شرع لكم المشي عليه فكنا ننصركم عليه باللمة التي كنتم تجدونها في وقت التردد بين الخاطرين هل يفعل أو لا يفعل نحن كنا الذين نلقي إليكم ذلك في مقابلة إلقاء العدو فنحن أيضا أولياؤكم في الآخرة بالشهادة لكم إنكم كنتم تأخذون بلمتنا و تدفعون بها عدوكم فهذه ولايتهم في الآخرة و ولايتهم أيضا بالشفاعة فيهم فيما غلب عليهم الشيطان في لمته فيكون العبد من أهل التخليط فتشفع الملائكة فيه حتى لا يؤاخذ بعمل الشيطان فهذا معنى قوله وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيهٰا مٰا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ من شهادتنا لها و شفاعتنا فيها في هذا الموطن وَ لَكُمْ(فِيهٰا) مٰا تَدَّعُونَ من الدعة نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ بشهادتنا و شفاعتنا حيث قبلها فأسعدكم اللّٰه بها فستركم في كنفه و أدخلكم في رحمته هذا معنى الاستقامة المتعلقة بالنجاة

[الاستقامة التي تطلبها حكمة اللّٰه السارية في الكون]

و أما الاستقامة التي تطلبها حكمة اللّٰه فهي السارية في كل كون قال تعالى مصدقا لموسى ع أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فكل شيء في استقامة حاصلة فاستقامة النبات أن تكون حركته منكوسة و استقامة الحيوان أن تكون حركته أفقية و إن لم يكن كذلك لم ينتفع بواحد منهما لأن حركة النبات إن لم تكن منكوسة حتى يشرب الماء بأصولها لم تعط منفعة إذ لا قوة له إلا كذلك و كذلك الحيوان لو كانت حركته إلى العلو و قام على رجلين مثلنا لم يعط فائدة الركوب و حمل الأثقال على ظهره و لا حصلت به المنفعة التي تقع بالحركة الأفقية فاستقامته ما خلق له فهي الحركة المعتبرة التي تقع بها المنفعة المطلوبة و إلا فالنبات و الحيوان لهما حركة إلى العلو و هو قوله وَ النَّخْلَ بٰاسِقٰاتٍ فلو لا الحركة ما نما علوا و إنما غلبنا عليه الحركة المنكوسة للمنفعة المطلوبة فافهم ذلك

[الحركة في الوسط و من الوسط و إلى الوسط]

فإن المتكلمين في هذا الفن ما حرر و الكلام في حقيقة هذه الحركات فالحركة في الوسط مستقيمة لأنها أعطت حقيقتها كحركة الأرض و حركة الكرة و الحركة من الوسط حركة العروج و الحركة إلى الوسط حركة النزول فحركة النزول ملكية و إلهية و حركة العروج حركة بشرية و كلها مستقيمة فما ثم إلا استقامة لا سبيل إلى المخالفة فإن المخالفة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست