responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 216

لها و ليس عندنا في العلم الإلهي مسألة أغمض من هذه المسألة فإن الممكنات على مذهب الجماعة ما استفادت من الحق إلا الوجود و ما يدري أحد ما معنى قولهم ما استفادت إلا الوجود إلا من كشف اللّٰه عن بصيرته و أصحاب هذا الإطلاق لا يعرفون معناه على ما هو الأمر عليه في نفسه فإنه ما ثم موجود إلا اللّٰه تعالى و الممكنات في حال العدم فهذا الوجود المستفاد إما أن يكون موجودا و ما هو اللّٰه و لا أعيان الممكنات و إما أن يكون عبارة عن وجود الحق فإن كان أمرا زائدا ما هو الحق و لا عين الممكنات فلا يخلو أن يكون هذا الوجود موجودا فيكون موصوفا بنفسه و ذلك هو الحق لأنه قد قام الدليل على أنه ما ثم وجود أزلا إلا وجود الحق فهو واجب الوجود لنفسه فثبت أنه ما ثم موجود لنفسه غير اللّٰه فقبلت أعيان الممكنات بحقائقها وجود الحق لأنه ما ثم وجود إلا هو و هو قوله وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا إِلاّٰ بِالْحَقِّ و هو الوجود الصرف فانطلق عليه ما تعطيه حقائق الأعيان فحدث الحدود و ظهرت المقادير و نفذ الحكم و القضاء و ظهر العلو و السفل و الوسط و المختلفات و المتقابلات و أصناف الموجودات أجناسها و أنواعها و أشخاصها و أحوالها و أحكامها في عين واحدة فتميزت الأشكال فيها و ظهرت أسماء الحق و كان لها الأثر فيما ظهر في الوجود غيرة أن تنسب تلك الآثار إلى أعيان الممكنات في الظاهر فيها و إذا كانت الآثار للأسماء الإلهية و الاسم هو المسمى فما في الوجود إلا اللّٰه فهو الحاكم و هو القابل فإنه قابل التوب فوصف نفسه بالقبول و مع هذا فتحرير هذه المسألة عسير جدا فإن العبارة تقصر عنها و التصور لا يضبطها لسرعة تفلتها و تناقض أحكامها فإنها مثل قوله وَ مٰا رَمَيْتَ فنفى إِذْ رَمَيْتَ فأثبت وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ فنفى كون محمد و أثبت نفسه عين محمد و جعل له اسم اللّٰه فهذا حكم هذه المسألة بل هو عينها لمن تحقق فهذا معنى ترك العبودية في خصوص العلماء بالله

[عبودية التصريف و عبودية الإمكان]

و أما من نزل منهم عن هذه الطبقة فإنه يقول لا يصح تركها باطنا لوجود الافتقار الذي لا ينكره المحدث من نفسه فلا بد أن يذله فتلك الذلة عين العبودية إلا أن يؤخذ الإنسان عن معرفته بنفسه و أما تركها من باب المعرفة فهو أن العبد إذا نظرته من حيث تصرفه لا من حيث ما هو ممكن و أطلقت عليه اسم العبودة من ذلك الباب فيمكن في المعرفة تركها من باب التصرف لا من باب الإمكان و ذلك أن حقيقة العبودية الوقوف عند أوامر السيد و ما هنا مأمور إلا من يصح منه الفعل بما أمر به و الأفعال خلق اللّٰه فهو الآمر و المأمور فأين التصرف الحقيقي الذي به يسمى العبد عبدا قائما بأوامر سيده أو منازعا له فيتصف بالإباق فبقي المسمى عبدا على ظهور الاقتدار الإلهي بجريان الفعل على ظاهره و باطنه إما بموافقة الأمر أو بمخالفته و إذا كان هذا على ما ذكرناه فلا عبودية تصريف فهو أعني العبد موجود بلا حكم و هذا مقام تحقيقه عند جميع علماء الذوق من أهل اللّٰه إلا طائفة من أصحابنا و غيرهم ممن ليس منا يرون خلاف ذلك و أن الممكن له فعل و أن اللّٰه قد فوض إلى عباده أن يفعلوا بعض الممكنات من الأفعال فكلفهم فعلها فقال أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ و أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ و جٰاهِدُوا فِي اللّٰهِ و أمثال هذا فإذا أثبتوا أن للعبد فعلا لم يصح ترك عبودية التصريف و أما عبودية الإمكان فأجمعوا على كونها و أنه لا يتصور تركها فإن ذلك ذاتي للممكن و بعض أصحابنا يلحظ في ترك العبودية كون الحق قوى العبد و جوارحه فإنه يغيب عن عبوديته في تلك الحال فهو ترك حال لا ترك حقيقة انتهى الجزء المائة

(الباب الثاني و الثلاثون و مائة في معرفة مقام الاستقامة)



للمستقيم ولاية مخصوصة شملت جميع الكون في تخصيصها
للمستقيم تنزلت أرواحه بالطيب المكنون في تنصيصها
الاستقامة نزلت أربابها منها منازل لم تنل بخصوصها
هي نعته سبحانه في قصة قد قالها فانظره في منصوصها

[لزوم ما لا يلزم من غير قصد إلى ذلك]

جاءت هذه الأبيات لزوم ما لا يلزم من غير قصد و كذلك أمثالها فإنما أنطق بما يجريه اللّٰه فينا من غير تعمل و لا روية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست