responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 19

ما سوى اللّٰه من دنيا و آخرة كأبي يزيد سئل عن الزهد فقال ليس بشيء لا قدر له عندي ما كنت زاهدا سوى ثلاثة أيام أول يوم زهدت في الدنيا و الثاني زهدت في الآخرة و ثالث يوم زهدت في كل ما سوى اللّٰه فنوديت ما ذا تريد فقلت أريد أن لا أريد لأني أنا المراد و أنت المريد فجعل ترك كل ما سوى اللّٰه زهدا

[رجال الماء]

و منهم رضي اللّٰه عنهم رجال الماء و هم قوم يعدون اللّٰه في قعور البحار و الأنهار لا يعلم بهم كل أحد أخبرني أبو البدر التماشكي البغدادي و كان صدوقا ثقة عارفا بما ينقل ضابطا حافظا لما ينقل عن الشيخ أبي السعود بن الشبلي إمام وقته في الطريق قال كنت بشاطئ دجلة بغداد فخطر في نفسي هل لله عباد يعبدونه في الماء قال فما استتممت الخاطر إلا و إذا بالنهر قد انفلق عن رجل فسلم علي و قال نعم يا أبا السعود لله رجال يعبدون اللّٰه في الماء و أنا منهم أنا رجل من تكريت و قد خرجت منها لأنه بعد كذا و كذا يوما يقع فيها كذا و كذا و يذكر أمرا يحدث فيها ثم غاب في الماء فلما انقضت خمسة عشر يوما وقع ذلك الأمر على صورة ما ذكره ذلك الرجل لأبي السعود و أعلمني بالأمر ما كان

[الأفراد]

و منهم رضي اللّٰه عنهم الأفراد و لا عدد يحصرهم و هم المقربون بلسان الشرع كان منهم محمد الأواني يعرف بابن قائد لوانة من أعمال بغداد من أصحاب الإمام عبد القادر الجيلي و كان هذا ابن قائد يقول فيه عبد القادر معربد الحضرة كان يشهد له عبد القادر الحاكم في هذه الطريقة المرجوع إلى قوله في الرجال أن محمد بن قائد الأواني من المفردين و هم رجال خارجون عن دائرة القطب و خضر منهم و نظيرهم من الملائكة الأرواح المهيمة في جلال اللّٰه و هم الكروبيون معتكفون في حضرة الحق سبحانه لا يعرفون سواه و لا يشهدون سوى ما عرفوا منه ليس لهم بذواتهم علم عند نفوسهم و هم على الحقيقة ما عرفوا سواهم و لا وقفوا إلا معهم هم و كل ما سوى اللّٰه بهذه المثابة

[مقام النبوة المطلقة]

مقامهم بين الصديقية و النبوة الشرعية و هو مقام جليل جهله أكثر الناس من أهل طريقنا كأبي حامد و أمثاله لأن ذوقه عزيز هو مقام النبوة المطلقة و قد ينال اختصاصا و قد ينال بالعمل المشروع و قد ينال بتوحيد الحق و الذلة له و ما ينبغي من تعظيم جلال المنعم بالإيجاد و التوحيد كل ذلك من جهة العلم و له كشف خاص لا يناله سواهم كالخضر فإنه كما قلنا من الأفراد و محمد صلى اللّٰه عليه و سلم كان قبل أن يرسل و ينبأ من الأفراد الذين نالوا الأمر بتوحيد الحق و تعظيم جلاله و الانقطاع إليه و ذلك أنه يحصل في نفوسهم أعني في نفوس من هذا طريقهم إن اللّٰه كما أنعم عليه بالإيجاد و أسباب الخير هو قادر على أن يبقى له و عليه نعمة البقاء في الخير الدائم و السعادة حيث أراد و إن لم يعلم أن ثم آخرة و لا أن الدنيا لها نهاية أم لا و لا إيمان عنده بشيء من هذا لأنه ما كشف له عن ذلك فإذا أطلعه الحق على الأمور حينئذ التحق بالمؤمنين بما هو الأمر عليه مما لا يدرك بالنظر الفكري فلو كان في زمان جواز نبوة الشرائع لكان صاحب هذا المقام منهم كالخضر في زمانه و عيسى و الياس و إدريس و أما اليوم فليس إلا المقام الذي ذكرناه و الرسالة و نبوة الشرائع قد انقطعت و لو كانت الأنبياء و الرسل في قيد الحياة في هذا الزمان لكانوا بأجمعهم داخلين تحت حكم الشرع المحمدي

[الرسالة و نبوة الشرائع]

و أما الرسالة و نبوة الشرائع العامة أعني المتعدية إلى الأمم و الخاصة بكل نبي فاختصاص إلهي في الأنبياء و الرسل لا ينال بالاكتساب و لا بالتعمل فخطاب الحق قد ينال بالتعمل و الذي يخاطب به إن كان شرعا يبلغه أو يخصه ذلك هو الذي نقول فيه لا ينال بالتعمل و لا بالكسب و هو الاختصاص الإلهي المعلوم و كل شرع ينال به عامله هذه المرتبة فإن نبي ذلك الشرع من أهل هذا المقام و هو زيادة على شريعة نبوته له فضلا من اللّٰه و نعمة و هو لمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم بالقطع و كل شرع لا ينال العامل به هذا المقام فإن نبي ذلك الشرع لم يحصل له هذا المقام الذي حصل لغيره من أنبياء الشرائع قال تعالى وَ لَقَدْ فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ و قال جل جلاله تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ في وجوه منها هذا قال الخضر لموسى في هذا المقام وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلىٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فإن موسى في ذلك الوقت لم يكن له هذا المقام الذي نفاه عنه العدل بقوله و تعديل اللّٰه إياه بما شهد له به من العلم و ما رد عليه موسى في ذلك و لا أنكر عليه بل قال له سَتَجِدُنِي إِنْ شٰاءَ اللّٰهُ صٰابِراً وَ لاٰ أَعْصِي لَكَ أَمْراً فإنه قال له قبل ذلك هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّٰا عُلِّمْتَ رُشْداً قال له الخضر إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ثم أنصفه في العلم و قال له يا موسى أنا على علم علمنيه اللّٰه لا تعلمه أنت و أنت على علم علمكه اللّٰه لا أعلمه أنا فلم يكن للخضر نبوة التشريع التي للأنبياء المرسلين و لا أدري

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 2  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست